ثقافة

أتذكَّرُ أرضاً: المتوكل طه

بقلم: المتوكل طه

أتذكَّرُ أرضاً
تتقلّبُ فوقَ سريرِ الغيمِ ..
فتحملُ بالرّيحِ،
وترمي بِمَشيمتِها بين الجَبَلينِ ،
فتأتي “بيتيلُ” لتُرضِعَهُ
من أحلامِ النّاي وأعراسِ الأشجار .
لهذا كان النجمُ على الزيتونِ حليبياً ..
والبدرُ يَغار !
وأربعُ بوّاباتٍ، لجهاتِ الأرضِ، تُصلّي
كي يبزغَ من سَبَجِ الليلِ .. نهار !
هنا الكنعانيُّ الأولُ؛ مَنْ
يضعُ وسادتَهُ في أعلى “الكرملِ” ،
أو يُلقي رِجْليهِ على “رأسِ الرُّمّان” .
وفي منتصفِ القلبِ بنى قلعتَهُ ،
من حَجَرِ الأسرار.
فيرجعُ مَنْ حاصرها مخذولاً
مِن هَولِ مجامِرِها !
قد هزمتهم “يَمُّ” بِأَمْرِ الشمسِ ..
فطوبى للبحرِ
وقد كسرَ النَّابَ ، وجَنَّحَ
مثل الصّقرِ على الشُّرفاتِ ،
فكانت أعيادُ “السِيتونَ”
وكانت آياتُ الأسوار .
ويمشي نهرُ النّرْجسِ ، من
قممِ الطيرِ إلى شُبّاك الكَرَزِ ،
ليشربَ ثلجَ الصوّانِ الذّائبِ ، ويرى
في غفوته أنَّ امراةً من بضعة ألوانٍ
ترقصُ
في زفَّةِ “داجونَ”،
وقد ضَيَّعَ زوجتَهُ السمراءَ ،
فَتَاهَ الأبناءُ على مدِّ الأرضِ ،
فصاروا
في كلِّ فجاجِ الكونِ ..
بعيدين عن الليمونِ ، قريبين من الأشجان ..
وثمّة أُغنيةٌ ، ظلّت في البالِ ،
يُردّدها الجَدُّ مع المفتاحِ
على الأحفادِ ؛
فَمَن غابَ ، سيرجِعُ ، يوماً ، محمولاً
فوقَ الفَرسِ الصهباءِ ،
ونبضاً يخفقُ في الأزْنادِ .
ويبدأُ “بَعْلُ” مسيرتَه ،
ثانيةً ، للبَرْقِ ،
وتمشي قافلةُ الأمطار !
وهنالكَ ثوبُ “عَناةٍ” مفروداً فوقَ القدسِ ..
وهذا النّورُ الساطعُ في “الجَنّةِ والنارِ”
خيوطٌ لشروقِ الفجرِ ..
من المِحرابِ إلى الأبواب !
وخلفَ التَّلِّ صهيلُ الرّعْدِ ..
وهذي أضواءُ النيران.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى