مجتمع

هل يبدأ التغيير من الداخل فعلاً؟

هل يبدأ التغيير من الداخل فعلاً؟

بقلم: سيلفانا محمد

التقدم مستحيل دون تغيير أولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم ولا أي شيء. (جورج برناردشو)

إن مفهومنا لكلمة التغيير محدود جداً، مثلاً في حين تسأل أحدهم عن عالم التغيير، يقول لك: تغيير مكان العمل، المنزل، البحث عن أصدقاء جدد…إلخ، ألا تنظرون أن كل هذه الأمور سطحية وبعيدة كل البعد عن مفهوم التغيير الحقيقي، حتى و إن حققنا ما أخبرنا به،فسرعان ما يمل ويعود من روتين إلى روتين جديد.

الجميع هنا يرغب في التغيير إلى الأفضل، لكن ما مفهوم التغيير وكيف يمكننا أن نتغير إلى الأفضل! لا شك أننا نتغير باستمرار، ولكننا بعيدون عن مفهوم التغيير الصحيح، التغيير يعني تغيير ما هو غير جيد إلى ما هو جيد، وتحسين ما هو حسن إلى ما هو أحسن، وتطوير أفكارنا ومهاراتنا لنكون في دائرة التجدد المستمر.
لا شك أن الإنسان بحاجة إلى إجراء تغيير في حياته، حتى يواكب العصر وإن لم يكن من أجل مواكبة العصر، فهو يحتاج إلى التغيير من أجل أن يبدل حياته إلى الأفضل، بالتالي التغيير من الأمور المهمة التي يجب أن يتبعها الإنسان في حياته، ليعدل على نمط حياته بشكل عام ويعدل على شخصيته بشكل خاص.

نحن ليس بيدنا تغيير العالم ليلائمنا، ولكن نستطيع أن نغير أنفسنا لنلائم عصر السرعة والتجدد.

كن على يقين ثابت “أن الشيء الوحيد الثابت في الحياة هو التغيير المستمر” (هيراقليطس)

أمر خطير أن نبقى على ما نحن عليه منذ الولادة، نفس الروتين، العمل،الأصدقاء، المكان، العقلية…إلخ، حتى نفس الأفكار، والأفكار متوارثة، لا شيء جديد. يقول أحدهم: نحن لا نموت حين تفارقنا الروح وحسب، إنما حين تتشابه الأيام، ونتوقف عن التغيير، حين لا يزداد شيء سوى أعمارنا وأوزاننا.

انظر حولك كل شيء يتغير باستمرار ويتجدد،فما بين ساعة وساعة تحدث الكثير من التغييرات المناخية والجوية، أليس من المعيب أن نبقى على ما نحن عليه؟إن حاجتنا إلى التغيير ضرورية جداً، مثل حاجتنا إلى الماء والأكسجين، الأمر لن يكون سهلاً في البداية ولن تتأقلم، عليك أن تؤمن بقوة التغيير التي ستهبك حياة أفضل،كل الأمور التي تحصل معنا تبدأ بفكرة والفكرة لا تصبح واقعاً إلا إذا آمنا بها،وبدأنا في البحث عن طرق لنحقق هذه الفكرة،فلا تستهن بما تفكر به بينك وبين نفسك،لأنك وليد أفكارك،وتذكر أن كل تغيير هو ولادة جديدة والولادة لا تتم إلا بعد آلام المخاض وكذلك التغيير.

فأول ما ستفعله هو أن تخلع عن نفسك عباءة أجدادك، وتنفض عن عقلك غبار الأفكار المتوارثة، لتستطيع أن تتأمل حال الدنيا كيف إنها تتغير وتتقلب في ثواني.
قال الله وتعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 190].
تأمل لترى وتستوعب أنك كنت غارقاً في سبات عميق، وتحرر من السطحيات،تعمق بمعنى الكون لتجد معنى ذاتك، وتبدأ رحلتك التي سترتقي فيها إلى سر المعنى والوجود.

التغيير الحقيقي هو تغيير أفكارنا وما بداخلنا باستمرار، يجب ألَّا نقف أبداً كنهر راكد يتلوث مع مرور الوقت، بل يجب أن نكون كنهر جار يتجدد باستمرار وينقي نفسه من شوائب الأفكار البالية.قال الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة:(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى