أحدِّقُ فِي كُلّ راحلٍ وقادمٍ.. بقلم: شوقي الرَّزقي

أحدِّقُ فِي كُلّ راحلٍ وقادمٍ
بقلم: شوقي الرَّزقي/ تونس
أحدِّقُ فِي كُلّ راحلٍ وقادمٍ، اِنْتشروا في اتجاهات مختلفة. المشهد الذي تستقبله حواسي وهواجسي، بكامل بهائهِ وبُكائِه وقودًا دفعتني إلى انتشال دفتري من مخبأهِ، قلمي يحول المشهد المتحرك إلى مشهد مسجل في ذاكرتي فكم من مرة نال منها النسيان والفقدان!
من الشرفة الضيّقة، أطلّ على محطة باردو للمتروات، لا أطيل النظر من الشرفة، فهذا الكم الهائل من المارة، بثقل أحزانهم وأفراحهم، يصيبني بالدّوارِ ويشلّ تفكيري وحواسي حدّ الغثيان، حتى أنني استشعر الضيق وهو ينخر أضلع صدري، فأسكبه حبرًا فوق دفتري …
أكتب:
هكذا تتراءى لي!
تتراءى الوجوه كالمصابيحِ
تنسكب الذوات كالصواريخِ
أقف
غريبٌ أنا بين أناسٍ قادمين وراحلين
في ساحةٍ ضاحكةٍ باكيةٍ
تنفجر دموعها فرحًا وسرورًا
تنفجر دموعها حزنًا وشجُونًا
نسوةٌ رجالٌ وحقائِبُ
تُودِعُ
غرباء راحلين
نسوةٌ رِجالٌ وحقائِبُ
تُقبلُ
غُرباء عائِدين
هكذا أنا
هكذا أنتم
أهكذا يتراءى عيشنا
بين ذهابٍ و إيابٍ
هكذا تتراءى لي!