ثقافةنصوص

أنور الخطيب.. أفرغَ السماءَ من التعاويذِ وأعاد كتابةَ النصّ بالزّنبق

أنور الخطيب.. أفرغَ السماءَ من التعاويذِ وأعاد كتابةَ النصّ بالزّنبقِ

بقلم: تمارا أمين الذيب/ لبنان

كلمة متواضعة قدمت بها شاعرنا الكبير أنور الخطيب

في أمسية لقاء عدد 74 – جونيه

نتنفسُ الصُّعَداءَ كلَّما انهمرَت حروفُهُ عن فِلَسطينَ فوقَ مآقينا، نقرأُ فِلَسطينَ بينَ طيّاتِ إبداعاتِهِ، المرأةُ الحبيبةُ العاشقةُ الأمُ التي أنجبَت ضنينَها ولم تستطعْ أن تحتضنَهُ، لم تستطِعْ أن تُرضعَه. عاش ولدُها يتيمًا باحثًا عن لَذةِ الدفءِ والحنانِ وقطرتينِ من حليب نهدَيها، عاشَ في غربةٍ بعيدًا عنها،عاش في قلقٍ مَقيتٍ، ارتجفَ خوفا من أن يموتَ قبل أن يرى ضحكةَ عينيها، فطلب من الله أن يُحيلَهُ إلى فراشةٍ ترفرفُ حولَ نورِها البهيِّ الذي لم يستطعْ أن يدركَهُ إلى الآن سوى بمخيّلتِهِ ووجدانه، أراد أن يحومَ حولَ كعبتِها دون سأمٍ أو كلل، توسلَ إلى اللهِ أن يُعفيَه من الموت علَّه ينقذُ أمَّه ولو لمرّةٍ واحدةٍ من دمعةِ الفِراق، مؤمّلًا أن يأتيَ الفجرُ فينامَ بين ذراعيها ربّما إلى الأبد،

طردَ الفجرَ بخِنجرِ الليل كي يجمعَ النجومَ خلسةً عن صخَبِ القنابل المضيئةِ في وَضحِ النهار كي يرسمَ ومَضاتِ قلبِ أمِّهِ اشتياقًا وحنينًا،

أفرغَ السماءَ من التعاويذِ، وأعاد كتابةَ النصّ بالزّنبقِ كي لا يسمعَ صرَخاتِ أنينِها وضَيجها منَ اغتصابِ أمومتِها، ونفيِها من كينونتها، وقتلِها مئاتِ المرات تارةً بالصلب، وتارةً أخرى بقتل أطفالِها. رغم ذلك، فقد عاش الوجعَ مئاتِ المرات، فجمعَ الهواءَ في حقيبتِه معلِنًا سفرَه، بعدَ أن لملمَ التاريخَ في سلالٍ مثقوبةٍ كي يستفزَّ بها القمرَ.

أيا صديقي هل الموتُ ينقذُ من الوجع، أم ما زلتَ تحلُمُ بالتابوتِ الفارغِ كهديةٍ لصعاليكِ بلادي؟

ساعاتٌ من فيضِ القلبِ والروحِ والوجدان لا تفي فيضَ إنتاجكَ الفكريِّ.

وكنا لنتجرأَ ونقول إنَّ أنورَ الخطيب هو خائن لو لم نلمَسْ بين حنايا نبَضاتِ حُروفِهِ وفاءً لا مثيل له لحبيبتِهِ الوحيدة

“فلسطين”

كنا لنقول إنّ أنورَ الخطيب هو إلهٌ لو لم يُعلنْ جَهارًا أن الطبيعةَ هيَ أمُّهُ

 

أنور الخطيب، روائيٌّ وشاعرٌ وإعلاميٌّ فِلسطينيّ،

عضو في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين

حاصل على عدة جوائز:

– جائزة غانم غباش للقصة القصيرة،

من اتحاد كتاب وأدباء الإمارات والنادي الأهلي بدبي 1993

-جائزة شاعر (مقال) 2011،

مجلة (مقال) الإلكترونية 2011،

حائز على ميدالية التألق والإبداع،

من جمعية إبداع/ بيروت

له عدة إصدارات

أصدرَ خمس عشرةَ روايةً

ثمانيةَ دواوينَ شعريّةٍ،

ثلاثَ مجموعاتٍ قَصصيةٍ،

وكتابينِ في النقدِ والتوثيقِ الثقافيّ،

فائزٌ في المرتبةِ الثانية في مسابقة القِصّة القصيرة

لصحيفة الرأي العام الكويتية في العام 1980.

شاعرَنا الكبير

أود أن أنتشل ومضةً من شعرك الجميل لأهديك إياها:

وعلى قافيتك عندما قلت

وحين آتيكِ

ضعي كل شيء في يديك

وأعني أنا..

واكتبيني

اسمح لي شاعرَنا الكبير، فقد سمحت لنفسي خلسة أن أكتبك:

أنتظرُ النهارَ بفارغِ الشمس لأكتبَكَ

أستعيرُ صدى حروفِكَ لأوقظَكَ

لا تستيقظ،

وإن استيقظتَ

فأنت الأجمل حين تنام في حِضنِ حروفك..

زر الذهاب إلى الأعلى