ملفات اليمامة

الروائية بشرى أبو شرار: الأدب قد تصيبه خيبات كبيرة إن دخل من بوابة التأريخ.

يُسعدنا في بوابة اليمامة الثقافية محاورة الكاتبة الأديبة الفلسطينية الكبيرة: بُشرى أبو شرار، صاحبةُ الهمِّ الإنساني والوطني الذي أثرى أعمالهَا الأدبيةِ كلِّها، بُشرى البعيدةُ عن وطنها مسافةً لكنها قريبةٌ قلبًا. لها رصيدٌ أدبيٌّ كبيرٌ ومهمٌ في الأدب الفلسطيني كان أخرُه المجموعةُ القصصية( بكاء الفجر)، ومن أشهرِ أعمالها روايةُ العربة الرمادية،رواية حنين، رواية شمس.
ولدتْ الكاتبةُ في مدينةِ غزة وعاشتْ طفولتها فيها، انتقلت إلى مصر حيثُ تلقتْ تعليمها الجامعي وحلصتْ على اللسانس في الحقوق.

يجري الحوار جواد العقاد، رئيس تحرير بوابة اليمامة الثقافية.

•حدثينا عن غزة، ما هذه العلاقة الروحية مع المدينة التي نراها في أغلب أعمالك خاصة المجموعة الأخيرة؟ 

” غزة ” هل تكفيني حروف الأبجدية كي ألون ربيعها الذي يسكنني، ينداح ربيع كل الفصول، في البعد البعيد أراني هناك،  في كل ليلة أركن إلى سكوني ووحدتي،  يطل قمر مدينتي،  يطوقني بنوره، يأخذني حيث هناك، أسلم له راحة يدي،  أمضي ونوره، أدق بأقدامي على ترابها، شوارع لن تنكرني،  أعرفها وتعرفني،  هناك حيث بيت جدي – الشجاعية – ومنها إلى حارة الفواخير – قرقش -حيث بيت جدتي،  أحث الخطى لبيارات الريس،  شوارع ترابية، على قمة التل الكبير،  كلية غزة “تجاورها مدرستي – مصطفى حافظ – الثانوية، القاهرة الإبتدائية، المأمونية لاجئات، أقف على عتبة بيتنا، هي ذاتها العتبة التي حفظت مطارح أقدامي من زمن بعيد،  دوالي العنب، ممر بيتنا الطويل، حجرتي العلوية التي تغالب قهر الوقت وعذابات الإنتظار،  هل تكفيني حروف الأبجدية لأكتب أسماء البيوت، الجيران، الصحبة، أكتب عن همس الأماكن وعن دمعات الحكايات، عن فقد وعشق أبدي، هي غزة عشقي الأول والأخير،  هناك أقتفي شمسها، من شروق وغروب، هي مدينتي التي لا تغيب عنها الشمس، لا تغيب .

•ماذا تمثل لكِ مصر ؟

مصر لها معنى في وجداني منذ الصغر، يوم أخذني والدي إلى محطة قطار -الشجاعية – ؛نسافر إلى مصر،مضى بنا إلى  -رمسيس – كدتها إمتداد فلسطيننا والعبور إليها سيناء الجريحة،  مصر شكلت كياننا وثقافتنا،  من تاريخ عشناه معاً،  هي الجغرافيا التي ربطت بيننا والبعد التاريخي والحضاري،  مصر كانت في زمن عشناه سراج ونور أمة، جميعنا تأثرنا بثقافتها ونهجها، هي معنى يسكنه عبق الماضي الجميل  وحاضر نستشرف منه القادم الأجمل ..

 •كيف تنظرين للرؤية النقدية في الأدب العربي عموما ؟

النقد في تاريخ الأدب العربي كنا نراه موازيًا للمسارات الإبداعية وتجديد البناء والرؤى حتى تشكلت نظريات النقد في الأعمال الأدبية وصارت نهجًا له مضامين وثوابت لا يحيد عنها الناقد في مدرسته ومدرسة المختصين في عالم النقد، حين دخلت الأعمال الأدبية عالم الحداثة،  أصيب النقد بحيرة، هل يقبل التحديث في منهجه ويدخله ضمن المنظومة النقدية؟! أم يرفض اعتماد الحداثة التي صارت تأخذ مساحات لا يستهان بها في المشهد الإبداعي،  صرنا نعيش التخبط ما بين المقبول والمرفوض، ولكن يبقى عالم النقد هو الذي يتوازى ويتماهى مع الإبداع، ولن نتوقف لأن نقتفي ما يكتبه النقاد بشغف عن كل عمل إبداعي يستحق أن نثري حياتنا الأدبية من رؤاهم وإبداعاتهم.

•هل الأدب قادر على التأريخ، ما وجهة نظرك تجاه الرواية التاريخية ؟

الرواية التاريخية محملة بألوان اللبس والغموض وكثيرًا ما يصيبها التقصير في الإلمام بحدث تاريخي أو شخصية تاريخية، وقد يقع الظلم البين على بعض الأسماء التي ترد في العمل الروائي التاريخي،  وقد تكون الرواية غير منصفة وغير حيادية،  وفي كثير من الأحيان تدعمها جهات محرضة، لم لا نترك هذه المهمات للمؤرخين، ونحلق بإبداعنا بعيدًا في عالم هو لنا ولا لأحد سوانا، عالم حر وحر وحر .
وجهة نظري تجاه الرواية التاريخية
الأدب قد تصيبه خيبات كبيرة إن دخل من بوابة التأريخ .

•أين تجد بشرى نفسها أكثر في الرواية أم في القصة القصيرة ؟

أجد نفسي في حروفي التي ألملمها وأطرز منها شال الحرير،  قد تكون حروفي مسكونة بروح القصة القصيرة وقد تكون حروف من رافد نهر يمر من خبايا روحي، يزيح التصحر وعذابات الفقد،  أُصير من عالمي الروائي حيوات تسكنني، أُصير من روح الدهشة من قصة قصيرة تلاحقني لأكتبها وتكتبني.

•القلق الوجودي يسهم في إثراء الأدب و هل القلق ميدان الإبداع ؟

الكاتب مسكون بالقلق،  تؤرقه الفكرة والروح المعرفية التي يستزيد بها على مدار الوقت وتتشكل في ذاته كيانات أخرى و تحوم في فكرة،لا ينفك منها إلا في كتابتها في ثوب إبداعي يهديه الفرح، الكتابة المسكونة بالقلق هي حياة للمبدع،  الكاتب له تكوين مغاير عن كثر من الناس، غير نمطي،  يرنو لإعمال العقل،  يشاكس الفكرة، يمعن في التحدي مع ذاته،  يكتب ويجيد ؛كي يأخذنا إلى عالمه، وهذا هو سر جمال الإبداع الذي يهدينا الدهشة وغير المتوقع في حياة نعيشها.

 • رواية العربة الرمادية تزرع المعنى العميق للإنسانية وتأنسن الأشياء،حدثينا عن جو هذه الرواية ؟

” العربة الرمادية ” كما روح الكاتبة المسكونة بروح فكرة تنقر على كيانها فتكتبها،  الرواية تكتبني، أكتبها، الحالات التي أحياها هي أنا،  فأنا أكتبني من روحي، من دمي.
 العربة الرمادية،  هي أنا ولا أحد سواي.  وقد لا أجيد أن أتحدث عن كتاباتي وأعمالي؛ لأنها أنا، وأنصت جيدًا لما يكتب عن أعمالي ؛ قد أعرفني من جديد ..

•ما آخر أعمالك الأدبية ؟ ومتى سترى النور ؟

– شال الحرير، رواية.
-قارورة عطر، رواية.
-نقوش كنعانية، قصص.
– مرايا الروح -اكتبها الآن -، رواية.
هي أعمال كُتبت ولها مواقيت لا أعرفها،  لكنها قادمة إليكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى