نصوص

  الشاي المُــر.. قصة: بهاء الدين حسن

الشاى المُــر

( قصة قصيرة )

بقلم: بهاء الدين حسن/ مصر 

أخرج الروزنامة المهترئة من صُرة ملابسه، ونزع آخر ورقـة فى العام . جلس على قالب طـوب ، كان قـد أحضـره من جـدار منزله المنهار، يلتقط أنفاسه، حدّث نفسه قائلاً.

ـ كم تمر الأيام سريعة!

فى مثل هذا اليـوم من كل عام ، كان يعـج منزله بالأهل والأصدقاء، وهم يضيئون الشموع، ويحتفلون باستقبال العـام الجديد.

تساءل وهو ينظر حوله، يتأمل الحطام.

ـ أين الأهـل، أين الأصدقـاء، أين المنـزل؟

توقف بصره عند شواهد القبور المنتشرة فى أرجاء المكان، تحامل على نفسـه وأحضر قطعـة خشب، من بقايـا المنزل، وأشعـل فيهـا النــار، ثـم راح يسـوى لـه كوبا من الشاي.

تذكر أن كمية السكر قد نفدت، وأن قافلة الإغاثة لم تحضر منذ فترة، فلم يجـد مفـرا من أن يشـرب الشـاى بدون سكر ، قال بحسـرة وأسى، وهـو يرتشف رشفة من كوب الشاى المُر.

ـ كل شيء أصبح مُراً!

راح يتأمـل الحطـام من حولــه، من آثــار المـدافـع والصـواريـخ وإغـارة الطائـرات على البلـدة… هتف وهو يلقى بحجر فى النار.

ـ تبا للقتلة.. تبا للضمائر الميتة!

وبينما هــو فى غمـرة آلامــه، أفـاق على رائحة احتراق، تذكر أنـه نسى عكّازه بجوار النــار!

أمسكت النــار فى طرف جلبابـه، بعد أن أمسكت عكـازه، حـاول أن ينقــذ العكاز، وأن يبتعـد عن النار، لم يسعفه العكاز الذى التهمته النار، فخارت قــواه، وسقط على الأرض.. صرخ.

ـ أغيثوني!

كان صـوت الجـرافـات عاليـاً، لـم يلتفت إليه أحــد من الرجــال المنشغلين بوضع حجــر الأساس، لبنــاء المستوطنــة الجديــدة، بينمـا الرجل لايزال يصرخ …

ـ أغيثوني … أغيثوني … أغيثوني!

( تمت )

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى