نصوص

التكية ق..ق.. محمد نصار

التكية ق..ق

قصة: محمد نصار/ أديب فلسطيني 

منذ أن تم افتتاح التكية في حينا ونساء الحي جميعا يلعن الساعة التي جرى فيها الأمر، خصوصا الحوامل منهن ومن هن في طور الوحام، حيث لا ينوبهن من كل ذلك سوى التلمظ عن بعد والروائح المثيرة للشهية،فما أن ينتصف النهار ويبدأ العاملون في إعداد الوجبات، حتى تغمر الحي رائحة الطعام، وتنتشر القطط عند أطراف المبنى ومداخله طمعا في فتات يلقى إليها، ثم تطور الحال بعد يومين من ذلك ، فصرت أرى طوابيرا من الأطفال يحملون أوعية الطعام، انتظارا لبدء التوزيع، حتى كنت عائدا ذات ظهيرة من السوق فداهمتني رائحة اللحم من أول الشارع ولفت انتباهي صراخ طفل بأخيه: أين اللحم يا لص؟ والصغير يبدو مرتبكا ويجيب قائلا: هذا ما أعطوني.

– لقد أكلت اللحم يا كذاب. وصفعة على وجهه صفعة أطارت الوعاء من يده واندلق ما به من مرق على التراب ، فصاح الطفل غاضبا: والله لم أر لحما وانظر في آنية الأطفال جميعا لتتأكد.

فراح أخوه يحدق في أوعية الأطفال وأحيانا تغوص يده داخل الوعاء، فتخرج خالية الوفاض، بينما السؤال حائرا على فمه: أين اللحم.. أين اللحم؟.. إذن من أين تأتي كل هذه الروائح؟ حتى أنا صرت في حيرة من أمرى وبلا وعي مني رحت أردد مثله: أين اللحم؟ وبشيء من السخرية المرة قلت مواسيا نفسي: لعلهم وجدوا طريقة ما، يعدون بها المرق من دون لحم.

زر الذهاب إلى الأعلى