المتشائل رواية التجديد والتجريب

المتشائل رواية التجديد والتجريب
بقلم: جواد العقاد/ رئيس التحرير
“الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل” هو عمل روائي من الطراز الرفيع ينم عن رغبة في التجديد والتجريب في فن الرواية، ولأهمية هذه الرواية؛ اعتبرت من أفضل مائة رواية عربية، وترجمت إلى خمس عشرة لغة.
وجاءت هذه الرواية مقسم إلى ثلاثة فصول أو كما عنونها الكاتب ” كتب”: الكتاب الأول “يعاد” يحوي عشرين مشهدًا ،الثاني “باقية” يحوي ثلاثة عشر مشهدًا، الثالث” يعاد الثانية” يحوي اثنى عشر مشهدًا.
وكعادة إميل حبيبي في معظم كتاباته، يتحدث في هذه الرواية عن الوطن واللجوء والعودة، يُسقط واقعه وحياته على شخصية سعيد المتشائل، ويتحدث عن حياته في أرضه المحتلة بعد عودته مع أهله من اللجوء في لبنان على إثر النكبة.
ويُفسر سبب تسمية عائلة المتشائل، هذه التسمية التي تحمل دلالة الحيرة والخوف من المصير المجهول. وهي كلمة منحوتة من كلمتي المتفائل والمتشائم. ويتزوج سعيد المتشائل فتاة اسمها باقية وينجبان ولدًا يسميانه فتحي ويتراجع سعيد عن هذا الاسم ويسميه ” ولاء”. وحين يكبر ولاء يشكل مجموعة مسلحة سرية مع رفاقه ويتخذون قبوًا على شاطئ بحر الطنطورية مقرًا سريًا لهم إلا أن القوات الشرطية تلقي القبض على جميع رفاقه أما ولاء يحصن نفسه في القبو فتطلب القوات من والديه اقناعه بتسليم نفسه وحين لا يستجيب تذهب أمه إليه ويغوصان في الماء بحثًا عن صندوق فيه سلاح كان والد باقية خبأه، ولكن يختفي الشاب وأمه وتتوه بهما السبل.
ويدخُل سعيد السجن بسبب رفعه الراية البيضاء على منزله في مدينة حيفا وفعل هذا يعني أن حيفا محتلة بينما يعتبرها ساسة الدولة الجديدة جزءًا من الدولة. وفي سجنه يتعرف إلى شاب اسمه سعيد مثله وهو فدائي من لبنان، وحين يخرج من السجن يلتقي يعاد الثانية وتُخبره أنها بنت يعاد الأولى وأن الفدائي سعيد أخوها. ثم يقرر المتشائل الاختفاء فيصعد مع رجل فضاء.
أما الرواية من الناحية الفنية: فهي عبارة عن مجموعة رسائل يرسلها سعيد إلى الراوي ( الكاتب ) ففي بداية كل كتاب من كتب الرواية الثلاثة يقول: “كتب إليّ سعيد أبو النحس المتشائل قال” ثم يسرد الأحداث. وقد وظف الكاتب تقنية الاسترجاع في مواضع مناسبة. وإذا تأملنا الحوار في الرواية نجد أنه، في الغالب، يستهدف عمق الإنسان مثل حوار باقية وابنها في القبو.
أما عن لغة الرواية فهي مشحونة بالإيحاء، بحيث تلامس شواطئ الشعر أحيانًا، وإن كان فيها وضوح في كثير من الأحيان إلا أنها لا تقع في الابتذال بالمطلق؛ فكل كلمة لها وظيفتها ودلالتها التي لا نستغني عنها، وبالطبع عمق اللغة يوائم عمق الرؤية. وأدخل الكاتب بعض الكلمات العبرية مثل: مدينا وتعني الدولة، ما هشاعا بمعنى كم الساعة، أدون بمعنى السيد، كما أنه استخدم كلمات لها مرجعيات تاريخية مثل: الببرسة تشير إلى الأمير المملوكي بيبرس، نابليونية تشير إلى القائد الفرنسي نابليون.
ولأهمية هذه الرواية، المتشائل، وأسلوبها الرفيع، قد لاقت اهتمامًا كبيرًا لا سيما من المثقفين الفلسطينيين.