مجتمع

المحرر النجار ل “اليمامة الجديدة”: الأسرى ثابتون وواثقون بالنصر والحرية 

المحرر النجار ل “اليمامة الجديدة”: الأسرى ثابتون وواثقون بالنصر والحرية

اليمامة – محمد النعسان

“…كانت الشمسُ المشرقةُ تُزيِّنُ السماءَ بقرصها الذهبي الساطع وأشجارُ النخيل تتراقصُ مع نسيم الهواء اللطيف، فنظرتُ حولي فلم أجد شِبَاكاً أو أبواباً مُوصدةً، فحمدتُ الله وسجدتُ شُكراً له…”

بهذه الكلمات عبَّر الأسير المحرر خالد كامل النجار (28 عاماً) في لقاءٍ صحفيٍّ مع “صحيفة اليمامةالجديدة” عن اللحظات الأولى للإفراج عنه ووصوله إلى قطاع غزة بعد اعتقال دام ست سنواتٍ وثمانِ شهور في سجون الاحتلال الصهيوني.

حياةٌ صعبةٌ ومريرةٌ

يصف المحرر النجار حياة الأسر، بالصعبة والقاسية جداً تجتمع فيها أصناف المعاناة والقهر والاضطهاد… حتى أن “الحيوانات” لا تستطيع العيش فيها -على حد وصفه-.

ويقول والألمُ يعتصر قلبه: “حياة الأسرى محصورةٌ في ساعاتٍ محددةٍ، وروتينٍ مملٍّ يُورث الفؤاد السَّأمَ والوسن.. وهذا الواقع فرضته مصلحة السجون؛ في محاولةٍ منها لكسر إرادة الأسرى والنيل من عزيمتهم..” مُكمِلاً بنبرة التحدي: “بيدَ أن الاحتلال لا يُدرك بأن سياساته وأساليبه القذرة هذه لا تزيد الأسرى إلا عزةً وكرامةً وثباتاً وصموداً وأنفاً”.

وعن الجدول اليومي للأسرى، يُوضح: “يختلف البرنامج اليومي من سجن لآخر، وحتى بين الأسرى في السجن الواحد، تبعاً لطبيعة المُعتقل وسياسات مصلحة السجون الصهيونية..” ويُضيف: “في السجن الذي كنتُ معتقلاً فيه كانت الفورة (الساحة التي يتجمع بها الأسرى) ضيقة، والغرف مُكتظة، والحمامات مشتركة..”.

ويُتابع النجار حديثه “لليمامة الجديدة”: “يبدأ يومُ الأسرى باجتماعهم لآداء صلاة الفجر، ثم يتجهزون للعدد اليومي، ومن ثم تجهيز وجبة الإفطار، حيث إنَّ مجموعةً من الأسرى مكلفون بإعداد الإفطار؛ نظراً لأن الطعام الذي تُقدِّمه مصلحة السجون لا تَقبله النفس البشرية من سوء شكله وراحته..” ويُردف: “ثم بعد ذلك.. تختلف نشاطات الأسرى ففريقٌ يقوم بممارسة الرياضة، وفريقٌ آخر ينشغل بالدراسة ومطالعة الكتب، ومنهم من يقرأ الجرائد والأخبار، ومنهم من يُشارك بالدورات التعليمية…”.

وعن علاقة الأسرى في السجون يُؤكد: “علاقة الأسرى ببعضهم طيبة ومتينة يسودها الإخاء والمحبة والتعاون والتوافق، فهم على قلبٍ رجل واحد أمام الإدارة الصهيونية..” ويُبيِّن: “يتابع الأسرى الأخبار والمستجدات على الساحة الفلسطينية أولاً بأول، فبرغم الأسر والعزل إلا أنهم يتفاعلون مع ما يحدث خارج أسوار السجون، ويُنظمون خطواتهم وفقاً لذلك، ونتيجةً لهذا الأمر قامت مصلحة السجون بفصل الأقسام وعزلها عن بعضها..”

قمعٌ وتضييقٌ ممنهج

لا تتوانى مصلحة السجون عن التضييق على الأسرى وقمعهم بكافة الوسائل والسُّبُل، وبنبرةٍ حزينةٍ يقول النجار: “أصعب فترة يتعرض لها الأسير هي فترة اقتحام السجن وقمع الأسرى، حيث تقوم وحدة القمع المتسادا) باقتحام السجون وضرب الأسرى بالهراوات والعصا الحديدية وإطلاق الغاز المسيل للدموع وقنابل الفلفل الحارة والكلاب البوليسية والتفتيش العاري دون مراعاةٍ لأحوال كبار السن والمرضى، إضافةً إلى تركيب أجهزة التشويش التي تُؤثر على صحة الإنسان وتُسبب الكثير من الأمراض ..”.

مثابرةٌ واجتهادٌ رغم الأسر

رغم ظروف الاعتقال الصعبة، إلا أن المحرر النجار أصرَّ على إكمال تعليمه، فثابر واجتهد وخاض غمارَ المسيرة التعليمية، فحصل على درجة البكالوريوس في تخصص التاريخ من جامعة الأقصى، ومن ثم التحق بجامعة القدس المفتوحة لدراسة الخدمة الإجتماعية وأنهى 4 فصول دراسية حتى أُفرِج عنه قبل أيام.

وعلاوةً على ذلك، حرِصَ النجار على المشاركة في الدورات التي ينظمها الأسرى، فحصل على شهاداتٍ في الإدارة العامة والصحافة والإعلام والتنمية البشرية والفقه والحديث الشريف وأحكام التلاوة والتجويد، والدراسات الفلسطينية…

الداخل مفقود والخارج مولود

يُلخِّص المحرر النجار فترة اعتقاله ب”الداخل مفقود والخارج مولود”، ويقول: “خلال فترة اعتقالي تعلمتُ الكثير من الأشياء، شاركتُ الأسرى أفراحهم وأتراحهم، ونهلتُ من علمهم واستفدتُ من خبراتهم، وكان لهم الأثر الكبير في ثقل شخصيتي وتنمية تفكيري، وزيادة إيماني بقضيتنا المُقدَّسة، وصرتُ أكثر عزماً على مقارعة ومواجهة الاحتلال، والثبات على الحق والتمسك بثوابتنا الإسلامية والوطنية، فمهما علا الباطل وتجبر سينتصر الحق ويسمو، وسيندحر الباطل، وسنمضي قُدماً في الدفاع عن أرضنا وعِرضنا”.

رسالة الأسرى

ويختم الأسير المحرر حديثه “لليمامة الجديدة”: “الأسرى بخير.. ثابتون صامدون على قلب رجل واحد، وينتظرون موعداً مع الحرية، فهم على يقينٍ وثقةٍ بأن فرج الله قريبٌ، وسيعانقون هواء الحرية العليل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى