منوعات

بدون الأجوبة، الأسئلة ترتفع

بدون الأجوبة، الأسئلة ترتفع

ترجمة: الحافظ محمد فائز الهدوي/ أستاذ جامعي

مرة قال الملك لواحد من خدمه: المانجا هو الألذ والأذوق لي من الفواكه

فرد الخادم له: سيدي، المانج هو فاكهة لذيذة وفيها كثير من الفوائد الغذائية، وله أنواع عديدة، لا يأكله أحد إلا اشتاق إليه مرة بعد، فلا عجب في حبك له، يحيا المانجا.

قال الملك: لكن، كنت مبطونا في الأسبوع الأخير بعدما تناولت مانجا واحدا ولا يزال مستمرا يومين أيضا.

فأضاف الخادم قائلا: ربما يكون هذه الفاكهة كما قلت آنفا ولو كان شكله وذوقه حسنة فلا عجب في مرضك بسببه.

يفهم من هذه القصة القصيرة تحول رأي الخادم في نفس الأمر من حال إلى حال آخر في وقت يسير، لكن الملك لم يعجب هذه النوعية الخلقية في خادمه وقال له: ألست أنت من مدحت المانجا أولا وبعدها تذمه الآن أنت نفسك، أي قولك من هذه أومن بها؟

فرد الخادم قائلا: أنا لست عبد المانجا بل عبدك أنت، ما قلت به صحيحا قلت به صحيحا وما قلت به سيئا قلت به سيئا أيضا.

بالأصل، هذه القصة مفبركة، لكن مثل بلادنا هذا هو مثل القصة المذكورة، ملوك الزمان كلهم الآن تحت التراب، لكن عرشهم ليس معطلا، بل أحزابهم متمسكون بها، لأن الحزب هو ملك اليوم وتابعوه هم خدام الملك، طبيعتهم كطبيعة الخادم في القصة، الأشياء التي تقولها الأحزاب هي ألفاظهم الكتبية، إن كان حزب الحاكم هو حزب نفسه فيكون موقفه مقبولا عنده دائما سواء كان هو صحيحا أم لا، مثلا كما قيل وقت الظهر هذا هو اليل فهو أيضا مقبول عنده ويوجد عندهم براهين لها من عند أنفسهم.

الأقوال والآراء من الأحزاب جميعها مقبولة عند الخادمين سواء كانت سلبية لحياتهم وعيشهم، لا يوجد هي عندهم فاسدا لأن عقلهم وفكرهم كلها مرهونة لحزبهم، لكن الحكم إن كان للحزب المعارض فالقرارات التي يتخذ عندهم تكون بلا فائدة عند الخادمين وغير مبالية ولو كانت صالحة ومفيدة لحياتهم المستقبلة ولترقيهم وتطورهم فيها، لا يوجد عندهم منها شيئا حسنا.

من لا يستطيع أن يمتاز بين الحق والباطل هو العبد الحقير الجاهل الذي رهن عقله وفطنته لأحد ما دون أن يبني موقفه النفسي، لا يمكن له أن يسأل أحدا في أمر ما بل فقط يمكن له أن يجيب بوجوه عديدة لكن لا طائلة تحته، يفهم هذا الحال عندما يرتفع أسعار الأشياء والأدوات، لأن الناس يقومون بمظاهرات عديدة ضده، لكنهم عندما يتولون الخلافة هم يبررون فيها بعدة الأمور.

ليست الفطنة والشجاعة في الإجابة بل في طرح السؤالات لأن التطور والتنمية لا تكون إلا بها، وهذا يسهل الدكتاتورية والأناركية في البلاد، فلا بد لسؤالات ترتفع لكن لا ضد المعارضين بل ضد الشرور.

إن الله قد منح لكل عبد عقله لأن يفكر به، فلا حاجة إلى اطلاع على عقل الآخر كما لا يحتاج إلى الأمتعة في دكان آخر إن كانت عنده، ولذا لا يمكن أن يقال عمن يفكر بعقل حزبه غير عاقل، لأنه له العقل لكنه لا يستطيع أن يفهم أنه عقله ولا يبالي به، ولذا هو يسمى أحمق جاهل، قال الله تعالى فيه:

إن في خلق السموات والأرض واختلاف اليل والنهار لآيات لأولي الألباب

لأن مصاحبة الأحزاب والمجموعات تؤدي إلى جحد الحق والأمور الخارجية الحقيقية ويرى العالم عنده ضيقا حرجا، ولذا لا تتبع الباطل ويرتفع الأسئلة إذا زهق الحق.

مثله كمثل سائق السيارة في طريق غير مستقيم، لأن على الراكب أن يصحح السائق إلى الطريق المستقيم، إن لم يمكن له فعليه أن يبدل السائق، وإن لم يمكن له أيضاً فلا بد له أن يبدل سيارته نفسها، لأننا لا نهتم بالسيارة، بل المهم لنا هو الهدف والمقصد.

الترجمة:

الحافظ محمد فائز الهدوي

الأستاذ المساعد، كلية معونة الإسلام العربية

 المصدر هو جريدة يومية باللغة المليبارية تسمى بسوبراباتم، ولها نسخة خاصة تنشر في كل أيام الأحد واسمها ‘ نچايار براباتم’، وهذه المقالة منها.

            

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى