أخبارثقافة

“المرأة رمز وقضية”: صورة المرأة في الأدب الفلسطيني المقاوم.. كتاب جديد للدكتوة حنان عواد

المرأة رمز وقضية
صورة المرأة في الأدب الفلسطيني المقاوم.

للأخوة والاخوات الباحثين والدارسين
أقدم لكم ملخصاً لكتابي…” المرأة رمز وقضية.”.

صدر عن “دار كل شيء”في حيفا، كتاب جديد للأديبة الفلسطينية الملتزمة د.حنان عواد، مستشارة الرئيس الشهيد ياسر عرفات وعضو المجلس الوطني الفلسطيني، يتناول صورة المرأة كما وردت في الإبداع الفلسطيني المقاوم.
وقد أهدته الى المرأة الفلسطينية العملاقة الصابرة الصامدة،
والى شهداء الكلمة المقاتلة ونصوصهم الخالدة.
ويأتي هذا الكتاب بعد كتابها الهام”ذاكرة الترف النرجسي”،والذي يلخص التجربة الثورية الفلسطينية وأعلام قادة الثورة،وعلى رأسهم الرئيس الشهيد ياسر عرفات.
وقد أشارت الأديبة عواد الى نقطة منهجية هامة تتلخص فيما يلي:”ان عشقي الدائم للوطن الأم،لفلسطين الأم،يحلق بي في فضاءات العطاء الفلسطيني والابداع المميز المتجذر في أعماقي،والذي يلف روحي بجماليات كونية خاصة بعبير أخاذ.
فانني حينما أتناول عملا جديرا بالقراءة لكاتب فلسطيني مقاوم، أتناوله برفق العاشق الوله للكلمة وايقاع حروفها المتشكلة من وجداني الذي حمل فلسطين واقعا ورؤية، وسافر بها بعيون حروفها الكنعانية،وحلق بها رسالة انسانية مهمة في معركتنا الثورية.”ص.151
(حنان عواد تعلن الحب مبدا كونيا اولا لمهنة الحرية ورسلها،ويتخذ هذا الحب صورته السامية في الوطن ويتجسد في الرجل-الفارس- الكوني- الوطني معا.
ولولم تكن هناك رابعة العدوية في تاريخ تصوف الحب المقدس ،لكانت حنان هي،بل هي رابعة عدوية فلسطين،فهي وضيئة في القراءة والحضور،بالكتابة،بالدم الضوئي الشفيف مرتفعا عن كثافة الوحل، وآثام الرجال…مترافعة ضد الأنوثة الزائفة، حالمة بالأنوثة الحقيقية ومجسدتها هي،والرجولة الحقيقية في تصورها،والانسانية كمشروع حرية بينهما يتوسط جسر الوطن.
واذا صح القول بأن بعض الكتاب أكبر من نصوصهم،فان حضور حنان عواد المنتشر ابداعا بين أبناء شعبها والانسانية،كان وما زال وسيبقى أكبر من أي نص تكتبه.
حنان عواد تكتب النص،
ولكن السؤال الجوهري:أي نص يمكن أن يكتب حنان؟)،ص.21
ولقد أشاد الدكتور محمد بأسلوب ومنهج الأديبة عواد قائلا:”تتربع الاشكاليات عندما تلتف الاشكاليات بعباءة التوجس المهيب لحنان التي تخوض بكبرياء المرأة الفلسطينية وأنوثتها الجميلة مدارات جمر التجربة الوجودية بكفي قدميها العاريتين فلا تحترقان..لأنها كما المتصوفة محمولة على الايمان الالهي بوطن يشتعل ويزدهر في آن معا.ولكي ينكسر تربيع الدائرة منتثرا في آفاق التحدي المبدع،عندما تكون المرأة أنموذجا مضيئا للحرية يشع من مدينة مدن الدنيا الأكثر قداسة،الأكثر جلالا،الأكثر قسوة،مدينة القدس.ص 15.
وقد قام ببحث ثلاثة أقطاب:المرأة الأم،الحبية والمرأة التلاحمية.وأضاف بأنها وهي تكتب عن صورة المرأة في البعد التخصيصي-بتوسط الرؤية الابداعية. تركز على مفهوم اشراقي في بحر الضوء.
وهنا تلتقط الكاتبة ما يمكننا وصفه بجدلية العشق بين المرأة والأرض-الرجل والفكر والفعل والثورة..
من مقدمة الدكتور الفيلسوف محمد زايد.ص 15-.21.
وفي تقديمها للكتاب،تشير الأديبة عواد الى أن هذا الكتاب كان معدا للنشر منذ مدة،ولكن النص فقد،ولما وجد النص المفقود الصديق الاعلامي ابراهيم سليمان رئيس تحرير فلسطين الثورة، أرسله لها،وآصرت أن تنشره دون زيادة حفاظا على صورته في زمن كتابته.
وهي تضيف:” ان المبدعين الفلسطينيين يشكلون ظاهرة ثرية،ولكني اتخذت المنهج الانتقائي في النصوص التي
تحمل الفكرة التي اريد أن أقدمها،لتظل علامة فارقة في التاريخ النضالي،ولان الأسماء المنتقاة تعيش في أعماقنا بكل لهيب أدب مقاوم في تجربة الاحتراق الداخلي والاشتعال الدائم”ص.12.
ثم تضيف قائلة:”تظل الدراسات لتكون نصا متوجا برموز الابداع الحر،وما رسموه للمشهد النضالي،الاجتماعي الثقافي والانساني الفلسطيني،ليظل علامة فارقة في تاريخنا النضالي، ومرجعية فكرية وسياسية،وأنموذج يحتذى في حركات التحرر العالمي،والتي استقت حضورها من واحات الثورة الفلسطينية العملاقة ورموزها التاريخيين”.ص.11.
والكتاب يتمثل في خمسة فصول وهي،
ملامح من الحركة الأدبية الفلسطينية،وهو دراسة عامة للحركة الأدبية في فلسطين المحتلة،ملامحها وأعلامها وما قدموه من ابداع شعري وقصصي مميز.

الفصل الثاني:المرأة فكر ورؤيا،طرحت حنان تصورها عن حركة المرأة الابداعية في التحرر،مستندة على البدايات الفكرية كأعمال قاسم أمين في كتابه “تحرير المرأة”،وهو يلقي الضوء على الحركة الابداعية النسائية وتطورات هذه الحركة، وهي تناقش بعمق كتابات المراة رافضة هذا التعريف،مستندة على نصوص الكتاب واقتباساتهم.
وهي تختم الدراسة كما يلي:”الثورة حتى النصر هي مجموع المهمات الناجحة،والثورة حتى النصر هي نقطة البدء في المسار الصحيح-العمل الهادف ضمن اطار ثوري هادف”ص 68.
وقد اعتمدت التقسيم التاريخي،صورة المرأة قبل الانطلاقة وما بعدها وقيام حركة المقاومة الفلسطينية العملاقة.
وناقشت موضوع المراة بعلاقاته المتعددة، العلاقة الوجدانية والعلاقة التلاحمية مع الأرض لتكون المرأة رمزا خالدا لفلسطين بتأكيد الهوية.

الفصل الثالث: صورة المرأة في الشعر الفلسطيني المقاوم، وكما وردت في ابداعات الشاعر الكبير محمود
درويش والعديد من الشعراء المعروفين.وتأتي صورة المراة في البعد الواقعي والبعد الرمزي لتكون فلسطين الأرض والانسان.
واعتمدت التقسيم التاريخي التصويبي لمسار الحركة،ما قبل الثورة الفلسطينية وما بعدها،أي عند قيام حركة المقاومة الفلسطينية العملاقة،وناقشت موضوع المرأة وعلاقاتها الراسخة والمتعددة،العلاقة الوجدانية والعلاقة التلاحمية مع الأرض،لتكون المرأة رمزا خالدا لفلسطين،هذا اضافة الى الاطلالة الخاصة على الأبعاد الجديدة التي شكلتها الثورة الفلسطينية،باعتماد نماذج دلالية لأدباء الثورة والعلاقة الكفاحية ورسم الطريق الى المعشوقة.وكذلك ترسيم وتأكيد الهوية الوطنية والنضالية،وما كتبه علماء الاجتماع المعروفين في هذا المجال أمثال فانون،وتأثير المعركة والفكرة القومية وارتباط المجتمع بتجربة تاريخية،وشمولية العلاقة بين الشاعر وأرضه.

الفصل الرابع: صورة المرأة في أعمال الشهيد غسان كنفاني،وهي دراسة قيمة تلقي الضوء على جمالية الدور الذي أطلقه كنفاني عن المرأة الانسان،وارتقى بها الى مستوى الوعي الموازي للرجال.
ثم مستوى الرمز الذي اتخذت صورته المرأة،كما ورد في قصة” العروس”،حيث أن البندقية ترمز الى المرأة،وذلك باسلوب مميز وصورة ارتقاء خاصة بتجليات الموقف الثوري والاستراتيجية العسكرية.
وكما تروي الأديبة رضوى عاشور..أن قصة العروس تقدم الملحمة الفلسطينية والبطولة الفلسطينية لتتمثل في العاشق الثوري،وهي العشق التاريخي بين الفلسطيني والبندقية،وكذلك رسم صورة الفدائي الفلسطيني بريشة خاصة.كما تحدث عن عن نضال المرأة في البعد الموازي للرجل.
وكذلك في رواية أم سعد،رمز الوعي والمعرفة والنضال والارادة الثورية.
فالمرأة هي البيان الفردي الذي يحمل في أعماقه عمومية جماعية.
وقد انتصر كنفاني لفقراء الوطن،وتمثل ذلك في رواية”أم سعد”.وهي المرأة المدركة بوعيها المكتمل ما يجري حولها من،ملامح هزيمة حزيران،والعمل الثوري والكفاحي وحال المخيم وظروفه القاسية،وموقفها من الحصار،والأهم هو الجاهزية للتضحية.
ويضع كنفاني تعريفا لأم سعد:”ام سعد امرأة حقيقة نتعلم منها،وهي مدرسة ثورية أيضا.
هي مدرسة الجماهير،وهي الأمومة الفلسطينية في أسمى صورها.وهي نتاج للحظات تاريخية هامة،وهي تمثل البطل القومي الذي يخترق الحدود.ص146،وهي النبوءة واستشراف المستقبل وهي المعلم أيضا.
ويقول كنفاني:”لقد علمتني أم سعد كثيرا،وأكاد أقول ان كل حرف جاء في السطور التالية،انما هو مقتبس من بين شفتيها اللتين ظلتا فلسطينيتين،ظلتا تنظران السلاح عشرين سنة.”
وقد تجلت أم سعد في طلائع النساء الثائرات.ص 144.

الفضل الخامس: المرأة في أدب سميرة عزام

ترد صورة المرأة في أعمال المبدعة سميرة عزام بالصورة السوداوية أولا لما تواجهه من ظروف طبيعية خلقية،وظروف مجتمعية،وتتكرر لديها عبارة :”تعسا لمن تخلق أنثى “ص 163.تعسا لها منذ اللحظة الأولى وحتى اللحظة الأخيرة”.ثم تعقد مقارنات بين الذكر والأنثى،وتعدد التشوهات التي تعتري المراة،وترسم مرحلة الزواج القائمة على اللاعدالة.ص169-170، ثم ترتقي رؤيتها لترسم مواقف جادة للمرأة الفلسطينيةالمقاتلة المناضلة التي تبذل التضحيات.ص176-179،لتصبح المرأة معادلا موضوعيا لحب الوطن ،كما جاء في قصة “خبز الفداء”.كما أنها ترسم صورة واقعية وجدلية لأوضاع الانسان الفلسطيني بعد النكبة،بتصوير البعد النفسي والسلوكي،مدافعة عن الشخصية الوطنية،فهي تقول:”يا الهي ! أي حجر تلقمنيه وأنت تقول بحكمتك الأجنبية-“في مثل ظروفكم يا صاحبي،لا يدري المرء في أية لحظة يمكن أن يصبح لصا”.ص189.
وقد برعت الكاتبة في تصوير الشخصية المحورية في تحركاتها ضمن خلجات الذات وتناميها مع الموقف والحدث الى أن تتبنى الموقف الرافض الذي يشكل الخطوة الأولى في الكشف والاشراق واستشراف الثورات والتحدي.
وفي الكلمة الأخيرة تتساءل عواد:”هل أدب سميرة عزام أدب ثوري”؟!
وتجيب قائلة:” اذا عرفنا الأدب الثوري كما يراه حسين مروة بأنه الأدب الصادر من رحم قضيتنا،فان أدب سميرة عزام حقق أبعادا منه فقط،ولم يحقق الأبعاد المذكورة بعمقها وشموليتها”.ص199.
وتستعرض ما قاله الكتاب عنها،وما وصفها به النقاد،حيث قال أبوسلمى:”لا أدري اذا كان هنالك قاصة عربية تجاري سميرة عزام في قصصها الرائعة،اشراقة عبارة،وسمو فكرة،ووضوح لوحة ورشاقة وحرارة عاطفة ورفاهة احساس”ص202.
وما قاله رجاء النقاش: “ان سميرة عزام أفضل كاتبات القصة القصيرة في أدبنا العربي المعاصر،منذ أن اشتهرت المرأة في هذا الميدان الفني”.ص202.
وفي الخاتمة تحلق الأديبة عواد في النصوص لتعطي المتلقي ملخصا بلاغيا للفكرة التي تسري في النصوص بعنفوان الروح.فهي تبدأ بهذه العبارة”نور ينبثق من روح الكلمة.وهي نصوص تخترق السحاب بلوعة أشواق الوفاء.
ثم تضيف: “مبدعون يروون بعبق مسك التراب حكاية الوطن المعتق.
وتلخص أهم ما جاء في الكتاب بنص بلاغي محكم،وباسلوب ترتقي به اللغة لتحمل صورة الابداع المقاوم بأحلى صوره.
فهي تقول:”أتدرج في ايقاع النصوص في سلالم الوعي،لأقدم رؤية معمقة في بلاغة استحضار زمن الفكرة مجدولا بآفاق قاربت السماءفي مسيرة الابداعات المتواترة في أهازيج المعرفة الاستثنائية والاستشعارية بنبوءة الفعل،وعذابات القضية الأكثر عدلا،بانتصارات في مداد الروح بنصوص الثائرين.وتؤكد أنه في سجل الابداع الفلسطيني المقاوم، كنز استباقي بنائي للفردوس المفقود العائد في مئات الأعمال الابداعية الوازنة والتي خلدت الذاكرة الفلسطينية بعبير المجد، ما بين قصيدة وقصة ورواية مقاومة،افترشت عبيرها في صفحات التاريخ الحر،وشكلت روح الدولة الفلسطينية في كل ربوع فلسطين.
واختتمت قولها:” هذه النماذج المنتقاة،شيء من بحور العطاء في رسم الذاكرة وخلودها وتوصيفها بجماليات اعجازية ترقى الى مستوى العبادة والوله المنقوش في أعماق القلب،لتظل الفكرة الفلسطينية سيدة الحضورالأبدي،ومحكم التوثيق وحتمية الرجوع والعودة المقدسة.
كما قال الشاعر الكبير محمود درويش:”ما أصغر الدولة
وما أعظم الفكرة”.ص207.

كلمة أخيرة:
كتبت الفصول بنصوص رائعة مكتملة الابداع،وبنفس ثوري فوق العادة،تشعر وانت تقرأ الدراسات،كأنك في بدء الثورة، بالتراكم الانساني والايقاعي في تصدر الحدث من منابر الوعي،لتكون كل كلمة مقاومة زناد المعركة.
هي تجربة الغوص في معنى الحرية، بكلمات تشق الضباب
في الرحلة الكونية.

زر الذهاب إلى الأعلى