مجتمع

الفيروس الأشدُّ خطورةً على البشرية!

الفيروس الأشدُّ خطورةً على البشرية!
أحمد الرمضان /كاتبٌ سوري
 
لا شكَّ أنَّ الكثير من الأشخاص قد  ينحصر تفكيرهم في فهم وتحجيم معنى كلمة ”فيروس” لتصبح كلمةً دالةً على كلِّ خللٍ ،قد يلحق بجسد الإنسان أو غيره ،والسببُ في ذلك يعود لوجودِ أشياءٍ غير مرئيةٍ ،سببت ذلك الخلل أو المرض.
إلاَّ أننا اليوم نعاني من وجودِ فيروسٍ أشدُّ خطراً ووقعاً على حياتنا،وهو مختلفٌ تماماً عن تلك الفيروسات.
قد يتساءلُ البعض  ما ذلك الفيروس؟
إنَّهُ ”فيروس الكلمات الجارحة” نعم إنَّها الكلمات!
قد يظنُ البعض أنَّ الكلمة تستحيلُ أن تكون فيروساً ،وذلك لأنه :يجهل أن تكون سيفاً فتاكاً قد يحطِّمُ قلباً،أو يدمي عيناً ،أو يرهقُ فكراً،ولربما تكون سبباً في فقدان حياةٍ لأحدهم.
نعم هي الكلماتُ بكلِّ تأكيد ! وليس ثمَّة في الأمر مبالغة،فكم من شخصٍ مرضَ قلبه والسببُ كلمة؟وكم من عينٍ نزفتْ دماً والسببُ كلمة؟وكم فكرٍ أُرهِقَ بكلمةٍ سلبتْ جمالهُ ،وغيَّرتْ حالهُ؟ وكم …وكم… وكم. ؟.
هي أحرفٌ امتزجتْ سويَّةً لتكون :إمَّا  خنجراً يُغرَزُ ويثقلُ الطعنَ  في أجساد وقلوب الآخرين،وإمَّا حياةً يستلِذُّ المرءُ لبسمةٍ فيها،أو أملاً أو إصراراً أو نجاحاً يبهرُ الكون بإشراقه.
إنَّها كلماتنا! سلاحٌ ذو حديّن ،قد يصيبُ فيدمي ،وقد يجبرُ فيكون بلسماً شافياً.
إنَّ الله سبحانه وتعالى أرشدنا ،وبيَّن لنا فوائد طيب الكلام في العديد من الآيات القرأنية ،إذ لم يقتصر ذكر لين الكلام في موضع معين من القرآن ،وإنما تعددت المواضع ،ذلك وإن دلَّ  يدلُّ على أهمية ذلك الأمر .
قال الله تعالى: [ألم ترَ كيفَ ضربَ اللهُ مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابتٌ وفرعُها في السماء] 24”سورة إبراهيم”
نعم هي كُثر الآيات التي تدلُّ على وجوب طيبِ الكلمة ،ووجوبِ الأخلاق الحسنة في التعامل مع الآخرين.
لنستذكرَ مثلاً:قصة فرعون الطاغية الذي كان غايةً في العتوِّ والاستكبار ،مع نبيَّ الله موسى عليه السلام ،وكيف حال الطريقةِ التي أرشد الله نبيَّهُ لاتباعها  مع طاغية ظالمٍ لا شكَّ بأنها كلمة ،ولكن أيُّ كلمةٍ تنفعُ مع ذلك الشخص ؟هي الكلمة اللينة لا محال .
قال الله تعالى:
 [اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)] طه
لنمعن النظر أيضاً في مجتمعنا ،وما يحيطُ بنا من دلائل واضحة ،تشيرُ كيف كانت الكلمة طريقٌ لبناء فكرٍ ينيرُ المجتمع  ودافعٌ لا يستهان به لتحقيق النجاح على الوجه الأكمل.
نعم، إنَّنا نرى كيف هو حالُ أطفالنا ،حينما يُدعَمُون بسيل كلماتٍ تحفيزيةٍ تشجيعاً لهم للمزيد من الاجتهاد والمثابرة ،ألا نلمسُ ذلك التغيير فيهم،وما أحدثتهُ تلك الكلمات في شخصيتهم ؟
الأمر لا يقتصرُ على الأطفال فقط ،وإنما النتائج ستعودُ بالنفعِ على الجميع ،أطفالاً ،و شُبَّاناً ،و كبارُ سنٍّ، وذلك لأن بداخل كلٍّ منَّا ذلك الطفلُ الذي يحتاج الدعم والطاقة، وتلك الطاقة قد تكون بكلمةٍ منِّي  أو بكلمةٍ منك.
يجبُ علينا أن نتعامل مع كلماتنا بمنتهى الحرص  ،لنجعلَ منها طاقةً إيجابيةً تمنحُ الأمل والهمَّة والعزيمة والإصرار والمحبَّة والتسامح للآخرين ،فيكون مجتمعنا مجتمعٌ رصينُ البناء، متكاملُ الأخلاق ،يطمحُ للتطور واستخراج الطاقات الكامنة في أفرادهِ، عندها سنحققُ النجاحَ في عملنا ،والراحةُ في نفوسنا ،ونكسبُ رضى الله علينا.

زر الذهاب إلى الأعلى