نصوص

امتلاء.. بقلم: امتلاء

امتلاء

بقلم: هادي مجدلاني

التوابيت، فراغ نملؤه بالضحك.

الحشد، فراغٌ نملؤه بالعاطفة.

العاطفة أشخاص ملّثمة

الضحك، شاهدٌ على المأساة. الابتسام شاهد زور. عيون الضحايا محكمة. كلنا مذنبون.

بيتنا الداخلي لم يترتب من بعد الخراب الخارجي. لا حيلَ لنا إلّا لترتيب علب دوائنا.

لم نتلفّت إلى الداخل، جمّدناهُ فيما ذُبنا في حمم الخارج، قلوبنا الحديد انصهرت وصارت سيوفًا فمَن يُقاتِل؟

حسبنا الخراب يزيّن هويّة بيتنا، حسبنا الخراب يبرّر ردّة فعلنا كأنها تحتاج تبريرًا.

حسبنا الخراب يُخفي رداءة عيشنا.

ضوضاء زمور الإسعاف ممحاة، شعورنا اليومي قلم رصاص، بيتنا ورقة تشتعل.

نُلهي الجرح، نلملمُ ضياع الآخرين في كيس وحدتنا. مهدّدون بالعيش، نحتفل بالموت،

والرقص رجفان أجسامٍ تهدّد الموت.

الموت لا يرُد، يستمِر في عمله.

نفصل لأول مرة بين النقيضين، نجمع لأول مرة بين فقيدَين تحت الأنقاض. نزغردُ لعنةً لقاتلنا ونصرخُ لنغيث بعضنا من آبار الصمت. ليسوا إخوةً أو ذئابًا من مزّقوا لباسنا، نحن من مزقناه لنضمد الجرحَ لكنهم إخوةٌ من مزّقوا روايتنا، ورووا عطش قاتلنا.

انتصار كان أن يوقعونا في البئر، تعلّمنا أن نحفر فيه نفق.

لا تفسير يقتنع به الوقت ليُسكنَه أفئدتنا فنعطش للأجوبة.

قطرة فقطرة يجفُّ فَهمُنا وتقسو طباعنا ونصير بوقاحةِ مجزرة.

انهمار الأسئلة يروي نبتة الشك اليابسة.

أرضنا جافة يا شفاهًا تحرث جسدي التّرابي،

يا أيادٍ تنكشُ في صدري عن شامة ميتة.

كل ما لم نبنيه ينهار، لم نبن شيئًا فلا وقت للبناء بل للتحسّر على انهياره.

هزيلون لكننا نحملُ أطواب إسمنت لا مرئية كلّما حُكمَ علينا التنقّل بين الملاجئ.

ننتظر دمارك أيها الملجأ الأخير فمن حجرانك المفتّتة بين أكفافنا يبدأ عندنا الهجوم. ونحوم كالذباب حول العدو المكشوف.

لا نقنع بنصف موت تقسّطه لنا الحوادث ولا نرضى أن ندفع ثمن لعبة القاتل، نتحسّر حيثما كنّا، كمديونين، لأن نصف حياةٍ تُشعرنا بالذنب تجاه ما أوصانا به قتلانا: العيش.

لأن نصف حياةٍ تشعرنا بالذنب في أن نعيش.

ندوّن أسماء شهدائنا على ورق الفواتير،

لا بدّ لأحد أن يدفع.

 

زر الذهاب إلى الأعلى