ثقافة

تونس عبر نافذة القاهرة

تونس عبر نافذة القاهرة

بقلم: مروة حجاب 

أُسدل الستار على مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الثالثة والأربعين، والذي ضمَّ الكثير من الأعمال المميزة من مختلف دول العالم، لعلَّ من أبرزها وأجرئها فيلم “غُدْوَة” للفنان “ظافر العابدين”؛ الممثل التونسيّ الذي ذاع صيته في السنوات الأخيرة في مصر والعالم العربيِّ عقب أدائه الإبداعي في العديد من المسلسلات، خاصة “حلاوة الدنيا”، و”عروس بيروت”.

لم تقتصر مشاركة “ظافر” في فيلم “غدوة على لعب دور البطولة فحسب، بل تُعتبر هذه تجربته الأولى في الإخراج وكتابة السيناريو والإنتاج أيضًا، كما صرَّح قبيل العرض الأول للفيلم على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية أنه استلهم القصة من صراع شقيقه مع المرض.

تدور أحداث الفيلم حول حياة “حبيب” المحامي الحقوقيِّ التونسيِّ، الذي يعيد فتح الملفات التي لم يتم البتُّ فيها منذ عقدٍ كامل، مناديًا بالحقيقة والعدالة ثم المصالحة، ومشيرًا إلى ما آلت إليه أحوال البلاد بعد عشر سنوات من الثورة التونسية.

يأخذنا “حبيب” الذي تفككت حياته الأسرية والمهنية والنفسية، لنعيش معه ومع نجله “أحمد” خلال نهار ونصف ننتظر معه الغدّ، حين سيتمإيداعه في مستشفى الأمراض النفسية ليحصل على العلاج جراء ما أصابه من ضلالات إبَّان ما تعرض له من تعذيب عقب أحداث الثورة.

في أحياء تونس يتأرج “حبيب” بين اليأس والأمل، راكضًا بحماسٍ سعيًا وراء مراده تارة، وعائدًا بخفيّ حنين مطرق الرأس تارة! نعايشمعاناة “حبيب”، ومخاوف “أحمد” الذي عبر عنها الصغير ببراعة عندما قال أنه خائف ألا يأتي الغد أبدًا! أتى الغد ليس كما ظننا، ولا كماأراد “أحمد” لأبيه، وبالتأكيد ليس كما أراد “حبيب”!

أبكانا ونكأ جراحًا قديمة تناسيناها حتى ظننا أنها اندملت فإذا بها تنزف من جديد، لكن “حبيب” ودَّعنا في صباح “الغدّ” بابتسامة تحمل الأمل بعد أن سلَّم المفاتيح، والملفات لصغيره “أحمد” الذي ركض خلفه واعدًا بأن يكمل المسيرة نحو الحقيقة.

لعبت الإضاءة والتصوير والإخراج دورًا عبقريًا في تجسيد الأمل الذي يشع عبر الأبواب والنوافذ.

وفي حديث مع زوجته عبَّرت عن سعادتها خلال زيارتها الخامسة لمصر لتشهد العرض الأول لفيلم “غدوة”، والذي تم تصويره خلال مارس الماضي.

يعتبر الفيلم من أكثر الأعمال نجاحًا في المهرجان حيث لقي شعبية كبيرة بين الجمهور الذي انهال بالتصفيق الحادِّ عقب انتهاء العرض، ووقف احترامًا للقضية حتى بكى “ظافر العابدين”، وأعرب عن سعادته بأن العرض الأول للفيلم كان في بلده الثاني مصر؛ السينما. فتحية شكر وتقدير وإعزاز من أم الدنيا للنجم العالمي “ظافر العابدين” الذي فتح ببراعة نافذة من نور وخلد كل جنديّّ مجهول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى