نصوص

رفاتُ العاشقين: شفيقة بركات

رفاتُ العاشقين

بقلم: شفيقة جهاد بركات/ سورية 

رفاتُ العاشقين باتَ رحيقًا مختومًا يملءُ كأسَ الأرقِ بذكرياتِ الوهمِ، بين دفّتي الكتاب أرى بعين الغيبِ افتراء الفجّارِ يرتدي ثوبَ السّلامِ بعنفوانِ الكلام، وما نُهيَةُ الأمان، إلّا فجر يجولُ بينَ أزقّةِ الجَنان، يُشعلُ الضّريمَ بتكبّرٍ وضحكة استهزاء، يسخر من عقلٍ وظيفته التفكير، يالقبح المصيبة، أزفُّ حروفًا يكمن خلفها سرٌّ لعين، وهل أكشف عن تأوّه الفؤاد بملامِ المجرم؟

لا أظنُّ أحد سيفهم خبايا الإحتضار، طرطقةُ نَعلِ الفوضى توبّخُ الصّمتَ بهذيانِ الحروف، أناجي أصمَّ الرّوح بمُطَارحَةٍ أظنّها توقظ الضَّمير، أحياءٌ بين القبور نفتّش عن سَنا الأنَاة بصحبة شبح الوحدة، شفاه تُجن من لوعتها للفافة حشودها تمتمات الهزل والخذلان، وترتشف كأسا من قطرات النّبيذ، ظنًّا بأنه كوب قهوة يهدّء من تأوّه الفقدان، لنعد حيث بدأت الروح تنزف وتبثّ شكواها، حيث مِكْيَدَة الهيام، عندها لم أنصت لذاك العجوز حين همس في أذني “ما الحب إلا معركة وما الضّحية إلا الوفي”، لم أدرك كلامه في وقتها أصدرت ضحكات متعجّبة من كلامه، وطوت الأوراق على حروفه، كجملة الإهداء في بداية الرواية لا يقرأها سوى من له حق بها، عدت للوراء لأزيح غبار الحُمق عن مرادها، تيممت به لعلّي لا أقع بالعصيان مرّة أخرى، تجرّعت من عيوب الزّمان ما يكفيني لمواجهته، لا يمتاز المرء على خصيمه إلا بإدراك نقصانه، وجوه بائسة لا ترجو من باريها سوى المنيّة، وهل ستحتمل الأرض كل هذه الزندقة، لعناتٌ ترافق لساني عند ذكراهم، وحقد مكفهرّ بعدوان النّجاة، خانني قلمي وباح بما لا يحق له، حسنا كفكم عنه،تشوّهتْ صورة حبّات البن بعيني، لم أرها سوى طعنات خناجر تزيد البَوى لا تسكنه، وكأني اتحسّى زقوم جهنم، وضحكات تعلو، وجنون يرقص على حافة الطّرقات عند عبرات الندم، لوهلة ما كرهت الكتابة فكأنها سورة التوبة تهتك ستر المنافقين، تبعثرت أشلائي على طيّات الخنوع لمرارة الوقار ظنًّا بأنّه يعلمنا الوقوف، مغايرة الواقع بأفكار شيطانية هي من تمنحنا السلام الدّاخلي، لن أنكر أنَّ الأمر صعبا وأشبه بأغنية يسمعها أصم، ولوحة يراها كفيف، ولكن إن أبدلت الأدوار لوجدت المعنى، تعمّق ولا تغرق، فأنت موهوب ولست غوّاص، شتات وثرثراة ذاتيّة قادرة على اختلاق قوانين جديدة، سر عليها كما تُحب لما كما تُجبَر، اعادتني الحافلة حيث ذاك الكأس اللّعين، لكنّه اندثر ، وعُقِمَ التفكير بمستقبل مجهول الهوية، وبُتِرَت أنامل الفؤاد فليعش العقل بهناء، لا شدّة ولا رخاء، نَهِلَ من الدّاء ظنًّا أنّه الدّواء.

زر الذهاب إلى الأعلى