رئيس التحرير: العسقلاني الغريب.. وارث الحكاية ومورِثها

العسقلاني الغريب.. صانع الحكاية ومورِثها
بقلم: جواد العقاد/ رئيس التحرير
غريب عسقلاني.. رحلَ عنَّا روائي وقاص كَتبَ شقاءَ الشعب الفلسطيني ووجعه، عاشَه إلى آخر نزف على جغرافيا القلب. حملَ الحكاية وورَثنا إليها، نحن الجيل الجديد من الكتُّاب ورِثنا الشقاء وحكاياته، في أرواحنا ما يكفي من حبرِ التاريخ، وما لا يُطاق من الغُربة في بلاد التيه، كي نكتبَ ونكتبَ بالدمِ والقهرِ والبؤس، نكتب بغربتنا المزمِنة باحثين عن بلادِ الأمل والحُلم. كم نحن غرباء يا غريب! بلا صفة ولا مرايا..
إبراهيم الزنط، آخر الحكايات يا صاحبنا الأجمل، إننا مجموعة من النكبات، كتبتَ كثيراً منها لكنكَ لم تعد تحتمل، فتحولت إلى عازفٍ على “مقامات الوجد والجوى” في سماءٍ لكَ، بلاد انتظرتكِ منذ سنين. موتٌ على مقاس حلمكِ لكنه متهور، يستعجلكِ كلَّ حين، ولم يمهلك لترتفع إلى سمائك من ظلِّ سروةٍ في جنوب البلاد، موتٌ أضيق من استعدادنا للوداع ورغبتنا الحميمة في البكاء، موتٌ كله موت يا صاحبنا الأجمل لا جهةَ فيه لقول شيء ما، ولا لنظرة أخيرة تقل لنا أنه من المعقول جداً أن نصحو على خبر وفاتك بعيداً عن السرو قريباً جداً من الحكايات.
شيخ الرواية، يا شيخنا، إن الرواية تورث كالموت تماماً، كالحسرات والآمال، كالتنقيب عن روائح البلادِ فينا. لا نحترفُ البكائيات لكن نبكيكَ بكلِّ ما تركت في القلوبِ من ندوب، لأنكَ أنتَ من يستحق البكاء أيها الأديب يا وارث الرواية ومورِثِها، أنتَ من حملتَ فلسطين في كل كلمة، في كل محفل، نبكي روحَك وكلمتك الحُرة الصادقة، ولا نبكي الساسة والزيف، نبكيكَ شوقاً أيها الغريب.. الآن فقط لم تعد غريباً.
غريب عسقلاني، البلادُ في انتظاركَ، واصل عزفِكَ على مقامات الوجد!