نصوص

رسائل مريم وبتول: عن الحياة والاكتشاف 

رسائل مريم وبتول: عن الحياة والاكتشاف

إلى مريم،

أخجل أن أحدثك عن الموت، يا مريم. فهو أكبر منا وأقوى منا، يُحول الإنسان أمامه إلى ورقة في الخريف. وأخجل أن أحدثك عن السعادة والعيد والحياة. أخجل أن أحدثك عن معاني الحياة وأنتِ تحدثيني عن البؤس الذي تغمسه عيناكِ في الطريق كل يوم.

عزيزتي مريم،

لا أعرف كيف ينشئ العالم كتفًا يستند إليه من العالم، لكني أعرف كيف ينشئ الإنسان عالمًا آخر. قبل نصف عام، اكتشفت أني لا أعيش هنا ولا أرى ما يراه البشر. تكشف الأشياء بضدها واكتشفت هذه الحقيقة عندما رأيت العالم بأعينهم. نظاراتي الطبية لم تمكنني من رؤية الأشياء بمثل هذا الوضوح، وحده الحزن هو من فعل ذلك. أبكي مع القمر لأن النهار يأكله، أبكي مع الشمس لأن الغيم يحجبها، أبكي مع الموجة لأن الشاطئ يقتلها، وأبكي مع الشجر لأن زهره سيسقط إن لم يكن اليوم غداً. حاصرني الوجع في البداية ككُسٍ جميلٍ، لكنه أصبح يضيق كل يوم، ملاصقًا لجسدي، مبينًا عظام قفص صدري، دون أن أتنبه أصبح قليلاً قليلاً يحيط بضلوعي ثم أصبح ضلوعي. أمثالنا، يا مريم، خلقوا لا يشعرون ببكاء النمل في جحورها. أهذا يبدو سيئًا؟ لكن صادقة، لا أعلم.

مدينتنا يسكنها التناقض، تقف على الخط الفاصل بين اللغة والدين والكهرباء ورواتب الموظفين والأسئلة؛ لتُتيح لها الانسياب بسهولة إلى الجانب الذي يعجبها وفقًا لأهوائها. سيقولون لكِ يا مريم أن طنجرة العدس بنفس القيم الغذائية التي يمتلكها صحن من المشاوي المشكلة، لكن لن يخبروك بأن الفرق بينهما مثل الفرق بين بحر غزة وبحر حيفا. وأن الملابس المستعملة تفي بالغرض نفسه، لكن ماذا عن الرغبة بالتملك الأول. كل هذه المعاني ليست في حسبانهم. اصرخي بأسئلتك يا مريم، قفي على تل المنطار، وأحضري دفتركِ الذي عمره اثنا عشر سنة، افتحيه وارمي بالأسئلة التي مات الأسبقون قبل أن يلقوها، ارمي بها نحو السماء، سيجيبها الله.

الأربعاء

19/إبريل/2023

 

 

 

إلى بتول أبو عقلين

12:19 AM

عن العالم والشعر وأشياء أُخرى.

ما زلت أتهته في القراءة وأكتب بتعثر لغوي.

ما زلت لا أعلم كيف أضع قليلًا من المساحيق التجميلية.

ولا أعرف كثيرًا أهمية تناسب الألوان وانعكاسها عليّ.

وأجهل كيف يندمج الآخرون بالحديث غير المهم لمجرد أن ألفت نظر الصاغ.

ولا أعلم وضع سماعاتي كل صباح يكف عني صراخ ما يدور حولي؟

ولست على دراية تامة ماذا يحدث بالخارج طالما كنت في زاوية من الأماكن أدرس أو أقرأ أو أبحث عن مريم.

وطالما سألت نفسي لماذا دائمًا أنا من لا يجيد التعبير؟

ولكن الجميع يراني بشكل أنني أكثر شخص يعبر.

لماذا يترك انعكاسات على وعلى ظلي.

ما زلت أتعثر وأرتكل بمفردي.

أتعلم وأغضب وأرحل مع نفسي والقليل.

ما زلت محافظة على مريم وشخصيتها وطبيعتها وسط كمية الزائف التي أراها في يومي.

ما زلت أحافظ على أي شيء سيبقى مريم طبيعية على حريتها.

أنا ابنة المكان والرائحة.

والوردة المنسية التي لا يحب أن يلتقط لها صورة.

ابنة رائحة الكتب وموسيقى هاربة.

ابنة أمي دائمًا أركض ورائها كطفلة وأبحث عنها في كل الزوايا.

أنا ابنة الشاطئ دون أضواء.

أنا ابنة الدعاء المندمج بالبكاء.

ما زلت أتعلم الصلاة في كل مرة أنهي بها صلاتي.

وأشعر بالاستجابة بعد كل دعاء.

ما زلت أتعلم كيف أحب الله.

وأحفظ سور القرآن.

وأطبق أي شيء يصلني بالله أكثر.

أنا ما زلت مريم.

كما تحب أن تكون، يجب أن تكن.

لا أعلم لماذا أكتب لك هذه الفكرة بالرسالة على الرغم من أن عقلي ممتلئ بالرسائل.

ولكن لربما لنتذكر سوياً ذواتنا المتشابهة في اختيار

الألوان والملابس وحتى بطريقة الاحتفاء.

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى