سيرة حياة فريدا كاهلو: رحلة الألم والإبداع في عالم الفن

سيرة حياة فريدا كاهلو: رحلة الألم والإبداع في عالم الفن
دعاء حسين- خاص اليمامة الجديدة
“سيرة حياة فريدا كاهلو” هو كتاب مميز في فن السيرة الذاتية، ويعد واحدًا من أفضل الكتب التي قرأتها في حياتي. يتألف الكتاب من 765 صفحة، وقد بذلت الكاتبة هايدن هيريرا جهودًا عظيمة في جمع المعلومات والحصول على آراء أصدقاء فريدا وأفراد عائلتها وكل ما يتعلق بحياتها وأعمالها، وأعجبني التسلسل الزمني الذي تم اتباعه في الكتاب ومدى صدق ودقة الكاتبة في جمع المعلومات وايرادها. يتضمن الكتاب أيضًا تفسيرات وشرحًا للوحات فريدا.
على الرغم من أن عدد صفحات الكتاب كبير جدًا، ويتطلب الكثير من الصبر والوقت للانتهاء منه، إلا أنه يستحق القراءة، خاصةً لمحبي السير الذاتية وعشاق فن فريدا. في الكتاب، تتحدث الكاتبة عن الحياة الصعبة التي عاشتها فريدا والتي أدت إلى تشكيل شخصيتها وفنها، ويتضمن الكتاب أيضًا آراء أصدقائها ومشاهير عصرها الذين عرفوها وعاشروها، مما يضفي على الكتاب جوًا مثيرًا للاهتمام ومليئًا بالمعلومات الثرية. لذلك، أنصح بشدة بقراءة هذا الكتاب لمن يهتمون بالفن والسير الذاتية.
تمتد هذه السيرة لتسلط الضوء على فنانة المكسيك الشهيرة فريدا كاهلو ولوحاتها الغنية بالتعبير الذاتي. يتضح من خلال قراءة السيرة الحقبات الزمنية المؤثرة في حياتها، بدءاً من شلل الأطفال الذي ألزمها بأكثر من ثلاثين عملية في العمود الفقري والأطراف وصولاً إلى الحادث الذي غير حياتها إلى الأبد. رغم هذه الظروف القاسية، أبدت فريدا إرادة قوية واستمرت في إبداع أعمال فنية متميزة، التي تعبّر عن مشاعرها وتجاربها الشخصية.
كان لارتباط فريدا بزوجها دييغو ريفيرا، الرسام الشهير وصاحب الأعمال الجدارية الملهمة، تأثير كبير على حياتها وفنها. ورغم التأثير السلبي الذي سببه لها، إلا أن ارتباطهما جعلها تؤمن بنفسها كفنانة وتتحدى الصعاب والألم لتعبر عن نفسها بأسلوبها الفني الفريد. وعند وفاتها، طلبت فريدا أن تحرق جثتها لأنها لم ترغب في أن تضطجع مجدداً، بعد أن قضت معظم حياتها على السرير بسبب الإصابات التي تعرضت لها. هذه السيرة تعزز الفهم الأكثر عمقًا للوحات فريدا وتجعلنا نتعاطف مع قصة حياتها المأساوية وروحها القوية والإبداعية.
تعبّر فريدا كاهلو عن معاناتها من خلال لوحاتها، فهي تعكس مشاعرها وتعبيراتها الشخصية. تتميز بعض لوحاتها بالعنف والجرأة، وكثير منها تحمل طابعًا جنسيًا. تعلّمنا من سيرتها الكثير عن إصرارها على الحياة، وحبها للرسم ولأصدقائها. كانت امرأة مبهرة، وكل من عرفها أحبها. ومن الجدير بالذكر أن هناك فيلمًا يحمل اسم “فريدا” صدر في عام 2002، ويتناول سيرتها الحياتية. يحتوي الفيلم على معلومات دقيقة جدًا، ولكن يعيبه تركيزه على الحياة الجنسية أكثر من ركزه على أمراضها ولوحاتها. ورغم أن الفيلم رائع وحاز على جائزتي الأوسكار، إلا أنه يحتوي على العديد من المشاهد الخادشة التي لا داعي لها.