منوعات

عيد الفن وتجدد الفرح و الأصالة بميلاد السيدة فيروز

عيد الفن وتجدد الفرح و الأصالة بميلاد السيدة فيروز

دانا أبوزيد- خاص اليمامة الجديدة

الغائبة عن الساحة الفنية، والحاضرة في قلوبنا. الحنجرة الذهبية الرقيقة التي رافقت أجيالاً بفرحها وحزنها، وتربَّعت على عرش القلوب، لتتفرد بمحبة خالصة لأيقونة مذهلة تُدعى فيروز.

في عيد ميلادها السادس والثمانين نحتفل اليوم ونكتب عن جارة القمر أهم المحطات الفنية لهذه القامة القديرة.

إن صوت فيروز من فئة “الميتزو سوبرانو” (Mezzo-soprano) شكل تيّاراً ومدرسةً جديدة في الغناء العربي، وكان في تعاونها مع الأخوين رحباني ومن ثم زياد الرحباني نقش لفنٍ خالد يبقى ثميناً متفرداً بجماله عبر مرور العصور.

بدايتها:

اسمها الحقيقي نهاد وديع حداد، ولدت في 21 نوفمبر 1935 واشتهرت باسمها الفني (فَيروز)، مطربة وممثلة لبنانية تعد من فناني الجيل الذهبي للمسرح والموسيقى في لبنان، وأشهر الأصوات العربية. لاقت أعمالها الفنية رواجاً واسعاً في العالم العربي والغربي، لُقِّبت في لبنان بـ “العمود السابع لبعلبك”.

ولدت في قضاء الشوف بجبل لبنان، وكانت الطفلة الأولى للعائلة، نشأت في حارة زقاق البلاط في الحي القديم القريب من العاصمة اللبنانية بيروت، عمل والدها في مطبعة الجريدة اللبنانية (لوريون لوجور) أما والدتها فتوفيت عام 1961 في اليوم نفسه الذي سجلت فيه فيرُوز أغنية (يا جارة الوادي)، وكان عمرها لا يتجاوز 45 عاماً.

انطلاقتها:

أحبت الغناء منذ صغرها، وأظهرت ميولاً فنية في عمر مبكر، وفي إحدى الحفلات المدرسية عام 1947 التقى محمد فليفل بالطفلة «نهاد حداد» وكان عمرها آنذاك أربع عشر عاماً، وأعجب جداً بصوتها، وكان له الفضل لتشارك كمؤدية في كورس الإذاعة.

انضمت فيروز إلى فرقة الإذاعة الوطنية اللبنانية بعد دخولها المعهد بشهور قليلة، وبعد أربع سنوات من الدراسة في المعهد؛ نجحت أمام لجنة فحص الأصوات المؤلفة من حليم الرومي، ونقولا المني، وخالد أبو النصر.

كانت النقلة النوعية لها عندما قدَّم لها الملحن الكبير حليم الرومي، الذي أطلق عليها اسم فَيروز، ألحاناً لأول أغانيها حيث لاقت صدىً واسعاً في الإذاعات العربية في تلك الفترة مثل أغنية “يا حمام يا مروح”، وأغنية “بحبك مهما أشوف منك” عام 1952.

تطور مسيرتها الفنية:

تعرفت فيروز في بداية الخمسينيات على الأخوين رحباني اللذين بدأت معهما مشوار طويل ومثمر من التعاون الفني، تمثَّل في المئات من الأغاني والعديد من المسرحيات الغنائية التي يصل عددها إلى 800 أغنية وثلاثة أفلام وأربعمائة ألبوم خلال فترة زمنية امتدت لثلاثة عقود، وأبدعت في الموشحات الأندلسية والمواويل والعتابات.

لمع نجم فيروز ومعها الأخوان رحباني بعد مشاركتهم في مهرجان بعلبك لأول مرة عام 1957، وتوالت بعدها المهرجانات من بعلبك إلى دمشق إلى مسرح البيكاديلي.

أعمالها الفنية:

قدمت فيروز المئات من الأغاني التي تميزت بقصر المدة الزمنية والتصاقها بقوة المضمون. وغنت للحب، الأطفال، الوطن، الحزن، الفرح والأم.
وكان العديد منها ضمن مسرحيات ألَّفَها ولحَّنَها الأخوان رحباني، وتنوعت مواضيعها بين النقد السياسي والاجتماعي، وتمجيد الشعب والبطولة والتاريخ العريق، والحب على تنوعه.

وتعاونت فيروز مع عدد من الملحنين مثل فيلمون وهبي، ومحمد عبد الوهاب، وإلياس الرحباني، ومحمد محسن وزكي ناصيف.
تأثيرها الكبير على الشعوب وعلى الموسيقا العربية المعاصرة أكسبها لقب (السفيرة إلى النجوم) و(جارة القمر).

غنت فيروز للحب والحياة البسيطة ولوطنها لبنان والقضية الفلسطينية، وأَحيَت العديد من الحفلات في العديد من المدن العربية والعالمية، وبمناسبة أحد عروضها في المغرب، استقبلها الملك الحسن الثاني ملك المغرب شخصياً في المطار، مُنحت في كثير من الأحيان مفاتيح المدن التي كانت تؤدي فيها أغانيها، وخلال حفلتها الموسيقية في لاس فيغاس عام 1999، أعلن عمدة المدينة رسمياً يوم 15 مايو 1999 “يوم فيروز”.

توقف زوجها عاصي الرحباني عن التلحين، واعتزل العمل الفني عند مرضه بعدما كان مرافقاً لها في مسيرتها الغنائية منذ بدايتها، ثم حدث الانفصال بين الأخوين رحباني وفيروز بعد مسيرة عمل مشتركة امتدت لعقود،
ثم أطلقت فيروز أول ألبوم غنائي لها دون الأخوين رحباني عام 1980، وكان بعنوان (دهب أيلول)، وأكملت مسيرتها الفنية مع ابنها زياد الرحباني وأصدرا معاً ستة ألبومات كان أخرها (ببالي) في عام 2017، وتعاونت أيضاً مع ابنتها ريما في أعمال غنائية أخرى، وأفلام وثائقية.

أهم الجوائز التي حصلت عليها:

حصدت فيروز على مدار حياتها الفنية الثرية العديد من الجوائز والأوسمة التي نذكر منها:

– حصلت عام 1957 على وسام الاستحقاق اللبناني من الرئيس “كميل شمعون”، وهو أعلى وسام في الدولة يناله فنان.

– عام 1962 حصلت على وسام الأرز، رتبة فارس من لبنان، ثم وسام الاستحقاق اللبناني.

– حصلت على ميدالية الكرامة عام 1963، والتي قدمها لها الملك حسين.

– وسام الاستحقاق السوري عام 1967، وفي عام 1975 تم إصدار طوابع بريدية تذكارية عليها صورتها كنوع من التكريم لها.
– وسام النهضة الأردني من الدرجة الأولى.

-وسام الكوموندور الفرنسي 1988.

-جائزة القدس من فلسطين عام 1997.

– وسام الثقافة الرفيعة من تونس.

– في عام 1997 حصلت فيروز على ميدالية الفنون للمرة الثانية من فرنسا.

– ميدالية الإسهام الاستثنائي من الدرجة الأولى من الملك حسين عام 1988.

كما حصلت فيروز على الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية ببيروت لتصبح أول مطربة تحصل على هذا اللقب.

وزارها الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” في منزلها، ومنحها وسام جوقة الشرف الفرنسي، وهو أهم تكريم رسمي في فرنسا، حيث حمل شعار «الشرف والوطن».

وبالمقابل أهدت فيروز لوحة فنية إلى الرئيس ماكرون الذي وصفها بأيقونة لبنانية.
واختار ماكرون أن يكون بيت فيروز المحطة الأولى من زيارته الثانية للبنان خلال أقل من شهر.

في النهاية، من قلبنا سلام لفيروز، حمامة السلام وأنشودة السعادة، أرزة لبنان التي حملت الحب للعالم أجمع ومازالت فخراً للبنان والوطن العربي أجمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى