صرخة الأم الفلسطينية: بين الدمار والخسارة.. نص: خلود مرتجى

صرخة الأم الفلسطينية: بين الدمار والخسارة
بقلم: خلود مرتجى/ غزة
لا أعلم كم هي الساعة الآن؟ ولا أعلم أين أنا؟ يا ترى ماذا حصل؟ كيف وصلت إلى هنا؟!
متمدد في حفرة على مقاسي وموجه على الجهة اليمنى مستقبلاً القبلة، مسحت التراب العالق على جبيني، كان ممزوجاً بالدماء التي لازلت ندية على جبهتي. خلعت الكفن الأبيض المغطى به لازلت أرتدي ملابسي. رفعت الخشبة عني وأخذت نفساً عميقاً لأتفاجأ بصوت الزنانات يجوب أجواء المقبرة. تليها طائرات F16 تدمر موقعاً ما بجانب المقبرة. حتى الموتى يتعرضون للاضطراب. مشيت مسافات طويلة ولم أشاهد حتى قطة في الشارع، فقط أصوات الصواريخ التي تطلقها المقاومة الباسلة وأصوات الانفجارات الناجمة عن صواريخ الاحتلال. سياسة الرد بالرد كما تعلمون. أحاول فهم ماذا حدث؟!
مشيت ما يقارب نصف ساعة حتى وصلت إلى بيتي. كانوا يقيمون عزاءً لي وصوري تملأ المكان. صعدت السلالم باتجاه البيت، وجدت جارات الحارة بجانب أمي. جلست عند ركبتيها، لا أستطيع الحديث معها ولا أستطيع مسح دموعها. قبلت يديها كمسحة خفيفة على قلبها، ولكن وعدتها بأن أزورها في أحلامها لأطمئنها عني. خرجت وإذ بفتيات الحارة أيضاً يأتين يرددن “يا أم الشهيد، نيالك ياريت أمي بدلك”. مسحت دمعتي، لم أستطع أن أبقى كثيراً ودموعها وحرقة قلبها تحرقني من الداخل.
هذه الأم الصابرة، الأم الفلسطينية، فأنا ابنها الوحيد، فاللهم اربط على قلبها بالصبر على فراقي، نزلت السلالم مشيت أشاهد الدمار الذي حل بالمنطقة كيف هدم الاحتلال الخبيث منازل عديدة على رؤوس ساكنيها، كل ما أذكره عن نفسي أني كنت أحاول إسعاف حالة لفتاة صغيرة ليس لها أي ذنب كانت تركض نحو السوبر ماركت لتشتري بعض الحاجيات، فنالت الصواريخ منا، هذا هو بنك أهداف جيش الاحتلال الصغار والنساء، مضيت في الطريق حتى ذهبت إلى المقبرة، لأرى جماعات يشيعون جثمان شخص ما، ذهبت نحوه لأسأله مالذي حصل معه؟ وإذ به فتى صغير لم يتجاوز ستة أعوام، ليجيب بكل براءة لقد مِتُّ من الخوف. ألا لعنة الله على الاحتلال، مسحت دموعي ورجعت إلى قبري لعلي أهنأ بنومة مريحة.