نصوص

عن الوقت والانتماء: ماري نادر ميا

وقت وانتماء

ماري ميا- سوريا 

يقال عنه وقت، هكذا دونما تحديد، دونما تعريف، أجميعنا نحيا طبيعته؟ أله طبيعة واحد؟

في الوقت نختلف أكثفنا وقت أقلنا انتماء، الوقت هو ذلك المُضي الفارغ لشيء دون الآخر، الوقت هو روحنا اللامنتمية واللامنتظرة، هو قلبنا النابض فقط بيولوجيا، هو دمار الغد في ذواتنا، هو ضياع البوصلة، هو شارعنا الخالي من ذكريات، هو مقهى فارغ، وطاولة باردة، إنه تلك الستائر الراقصة مع الريح عبثاً، الوقت هو مسايرة الوجود، هو العجز عن الإيتان بما يمزجنا مع ساعة الحياة، وتسرب جدول ماء، وقوانين الصيف والشتاء، وحتى الليل والنهار يكفان عن الانقلاب، الوقت هو الروح المراقبة، هو دقائق ساعة تمر دونما هدف، وذات وميض هو “أنانا” المتهالكه من بؤس الحياة، والتي فقدت ملجأها، الوقت هو منفانا في عبثية الوجود، هو يتمنا في الحياة وعجزنا عن خلق آخرِنا، الوقت هو قهوة الصباح التي تحتاج احتضان، هو تلك اللحظة التي ينضح فيها صوت فيروز بالحب والشوق والدفء لكننا خارج تلك الدائرة، الوقت هو سيولة الوجود من حولنا فلا نمسكها ولا تمسكنا، هو كُلّنا الذي رحل من غير عودة، الوقت هو خفتنا في الوجود رغم ثقل الهموم، هو رواية غير مكتملة فحاجة الانتماء أفقتدنا الرغبة، الوقت هو تلك الخدعة التي نفتعلها بانتماءنا لخيال رسمناه، خيال يخفف عنا يُتم الحياة، الوقت صرختنا الأول بعد الولادة قبل أن ننتمي إلى أحضان أمهاتنا، الوقت هو تلك اللحظات التي أزعجتنا فيها “عقد أوديب وعقد اليكترا”، الوقت هو دأبنا الدائم للحب والانتماء لنختبئ من قسوة الوجود، الوقت هو ساحة المدينة المكتظة بالكثير الكثير من الغرباء لكن بمحاذاتهم تسير، الوقت هو شتاء قارص وأمطار غزيرة وعيون شاردة في الفراغ، هو بحر هائج لكنه لا يثير الخوف بداخلك، الوقت هو حفل غنائي صاخب وأنت لا تسمعهم حفل صامت ودُمى متحركة في المكان، الوقت هو انتظار، هو الأمكان التي لا انتماء إليها ولا اتصال، الوقت هو قطار لديه الكثير من المحطات قبل التوقف في محطته الأخيرة، ولربما الوقت هو انتظار الأموات لقيامة ما، الوقت هو فضاء رحب خالي من الشوائب، هو انفصالنا عن واقع متصلين به قسراً، الوقت هو أناك الضائعة في معركة الوجود…

 

أترانا بالآخر نحطم مأساة الوقت، مع الآخر لا وقت مع الآخر حياة انتماء اندماج، محال أن يكون الانتماء وقت إنه هدر وإسراف، فالانتماء استهلاك على الدوام، وقلب نابض على الدوام، وتجدد على الدوام، ففي كل انتماء مشاعر تَحرِق، ومشاعر تُحرق ليأتي عوض عنها فالتجدد قائم، والفيضان مستمر، والوقت متوقف، الانتماء أبدية وسرمدية وحياة تضاف للحياة الواقعية، فالانتماء يظهر في العيون البراقة، والايادي الدافئة، والأحضان الممتلئة، والشفاه الهامسة.

الوقت هو اللا انتماء، أما الانتماء فخارج حدود الزمان والمكان،

الانتماء هو قلعتنا الصامدة في وجة عبثية الوجود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى