مقالات رئيس التحرير

في الرجعية والتنوير

في الرجعية والتنوير

جواد العقّاد

تدوينة لرئيس التحرير عبر صفحته في الفيس بوك

نخسر مشاريع نهضوية قادرة على تحقيق إنتاج معرفي وتقدم على الأصعدة كافة. في القرن الماضي وحده إرث فكري هام؛ فما أنتجه طه حسين ونصر أبو زيد وفرج فودة وأدونيس، تمثيلاً لا حصراً، ينهض بالعقل العربي ويُخرجه من براثن الرجعية إلى فضاءات التفكير الحر، المتحرر من الأيديولوجيا والثقافة السلطوية.

العقل العربي لم يتحرر تماماً- في أي وقت- من سطوة السلطة السياسية ومؤسساتها ومنطلقاتها الرجعية، وإن قرأنا انفراجات في التاريخ فهي استجابة للواقع السياسي أولاً وأخيراً، وليست نهضة فكرية جذرية منتجة على المدى البعيد.

وأسلم تماماً بأن الفرد العربي معطاء، يمتلك طاقة فكرية وإبداعية خلَّاقة، لكن إبداعه يصطدم تلقائياً بالمنظومة الثابتة، التي تَعدُ الجديد بدعة على الفور دون تمحيص وحوار جاد، مع أن مشاريع العقلنة والتنوير قائمة على منهجيات علمية لا تُقابل إلا بالتكفير والرفض، فالقمع متجذر في بنية العقلية العربية، لهذا لا نستطيع التقدم خطوة واحدة دون إعادة قراءة فعلية وشاملة للتاريخ، وبالتالي هدم الأفكار الرجعية المترسخة في العقل الجمعي منذ قرون، من أجل إتاحة الفرصة أمام الفكر الحر والجدل العقلي.

حين يرحل أحد المفكرين والباحثين الجادين، أو كما يوصفهم الإعلام” المثيرين للجدل”، وهم في الحقيقة ليسوا سوى أصحاب مشاريع نهضوية لها ما لها وعليها ما عليها، يخرج علينا أبواق كثيرة بالتكفير ونشر مقاطع الفيديو المجتزئة، وغير ذلك. أليس هذا دليل واضح وصريح على عجز العقل السلطوي الرجعي، المُؤثر ضمناً في المضمر الجمعي!

زر الذهاب إلى الأعلى