تاريخثقافةمقالات

سميرة عزام: سيناء بلا حدود .. رواية لم تكتمل

سميرة عزام: سيناء بلا حدود .. رواية لم تكتمل

بقلم: ناهـض زقـوت/ كاتب وناقد 

تعد الكاتبة الفلسطينية سميرة عزام (1927- 1967) رائدة القصة القصيرة، لذا لم يعتبرها النقاد كاتبة رواية رغم اشارتهم لكتابتها رواية “سيناء بلا حدود” وذلك لعدم اكتمالها، لذا بقيت في مجال ريادتها للأدب القصصي، فقد نشرت في حياتها أربع مجموعات (أشياء صغيرة/1954)، و(الظل الكبير/1956)، و(وقصص أخرى/1960)، و(الساعة والإنسان/1962)، وبعد وفاتها نشر لها مجموعة خامسة (العيد من النافذة الغربية/1971).

لقد أشرنا في مقال سابق بعنوان (هدية عبد الهادي ورواية على ضفاف الأردن، أول رواية نسائية فلسطينية) إلى الخلاف بين النقاد والباحثين في تاريخ الأدب حول بواكير الرواية النسائية الفلسطينية، وأكدنا آنذاك أن رواية هدية عبد الهادي (على ضفاف الأردن) هي أول رواية نسائية فلسطينية. وليس رواية هدى حنا (صوت الملاجئ) ولا رواية مريم مشعل (فتاة النكبة).

وقد ذكر النقاد إلى جانب هاتين الروايتين (حنا ومشعل) رواية سميرة عزام (سيناء بلا حدود) التي نشر الفصل الأول منها في مجلة الآداب البيروتية (العدد مارس 1964)، ولكنها لم تكمل كتابتها، تقول الدكتورة نادرة السراج في دراستها “سميرة عزام في ذكرها الخامسة، دراسة في فنها القصصي” عن الرواية: “وأكثر ما يؤسف عليه أن روايتها التي وصفت فيها التيه الفلسطيني وسنوات النفي والتشرد، وسمتها “سيناء بلا حدود” لن تكون بين أيدي القراء، إذ أنها مزقتها بانفعال شديد إثر حوادث نكسة 1967، بعد أن قطعت في كتابتها شوطاً بعيداً، قائلة: إن كل ما كتبته قد فقد معناه”.

إذن رواية “سيناء بلا حدود” هي رواية غير مكتملة، وانتهى وجودها، ولا ندري ما كانت ستكون وجهة الكاتبة ورؤاها في الرواية بعد الانتهاء منها، ولكن العديد من الباحثين والنقاد أدخلوها ضمن بحثهم في بواكير الرواية النسائية الفلسطينية، فنجد د. حفيظة أحمد تقول: “وفي الستينات يأتي الفصل الأول من (سيناء بلا حدود) ليقفز بالرواية النسائية الفلسطينية قفزة نوعية، إلا أن هزيمة أخرى تطل على فلسطين عام 1967، فتئد الرواية قبل أن يكتمل ظهورها أو نشرها، فخسرت خريطة الرواية النسائية الفلسطينية رواية كان من الممكن، لو اكتمل ظهورها أو نشرها، أن تشكل نموذجاً روائياً نسائياً أكثر نضجاً فنياً من المحاولتين السابقتين”.

إن ما خطته سميرة عزام يمثل مرحلة متطورة فنياً في الراوية النسائية الفلسطينية، وإذا جاز لنا تجاوزاً، بما أن الرواية غير مكتملة، أن نقول أن رواية سميرة عزام هي الرواية التي تحمل بوادر النضج الفني في الرواية النسائية الفلسطينية. ولكن ذلك اسماً أو تجاوزاً، لأن الرواية لم تطبع كاملة، بل مزقتها صاحبتها قبل نشرها، لهذا تسقط من عداد الروايات المنشورة، ويمكن اعتبار نشر الفصل الأول منها هو مشروع رواية للكاتبة ليس أكثر.

ولكن الروائية النسائية الفلسطينية الحقيقية ظهرت على أيدي رائدات الرواية في فترة السبعينيات حيث قدمن روايات كاملة النضج الفني، ففي هذه الفترة ظهرت نحو خمس عشرة رواية كتبهن تسع كاتبات وهن: فتحية الباتع، وهيام رمزي الدردنجي، وامتثال جويدي، وسلوى البنا، وفاطمة ذياب، وسحر خليفة، وانجلينا صنبر، وجمال سليم نويهض (أم خلدون)، وليانة بدر.

*****

تعليق أدبي على الفصل غير المكتمل:

قبل 58 عاماً نشر فصل رواية “سيناء بلا حدود” الذي حاولت من خلال هذه الرواية أن تكتب سميرة عزام عن النكبة الفلسطينية والتشرد وتداعيات اللجوء، على حد قول الكاتبة نادرة السراج، الذي اعتقد أنها اطلعت على مجمل الرواية قبل تمزيقها عام 1967.

هذا الفصل يصف مشاهد مظاهرة مناصرة للجزائر وتهتف بحريتها وعروبتها، (وأخذت الأصوات المتفرقة الناشزة تجتمع وتعرض، ثم تغدو صخابة هادرة وهي تردد نداءات موقعة صب فيها هؤلاء المتظاهرون كل انفعالاتهم التي ازدادت حرارة مع شمس بدأت تتسلق تلك الرقعة الظاهرة من السماء، ومع حركات الأيدي التي ترتفع وتهبط في ايقاع يساوق الهتاف “الجزائر عربية، الجزائر عربية”).

إن هذه التظاهرة تعبر عن البعد الزمني للحدث، وهو زمن الثورة الجزائرية، حينما كانت تخرج الجماهير العربية تناصر الجزائر في ثورتها وذلك في حدود سنة 1954، وتحدد الكاتبة مكان انطلاق الحدث، حيث تقدم من خلال عيني السارد الذي نزل من السيارة بعيداً عن المكان الذي يقصده، لأن الشوارع مزدحمة بالمهرولين نحو ساحة النجمة وسط بيروت للتجمع والانطلاق، ويجد السارد نفسه محاصراً في وسط المظاهرة دون أن يدرك مناسبتها، فقد جرفه السيل وأصبح واحداً منهم إذ شبك أحد المتظاهرين بذراعه ودفعه للتحرك.

وتصف المظاهرة وحركة المتظاهرين، وهتافاتهم، واعتلاء الزعماء وقادة المظاهرة، وجميعهم يهتفون بحرية الجزائر وعروبتها. تنطلق المظاهرة عبر شارع رياض الصلح، وتمر أمام البوابة الجنوبية لسرايا الحكومة، وحينما شاهد الجنديان الرابضان أمام البوابة المظاهرة تراجعا إلى الداخل، هذا يؤكد أن القوة لا يمكن أن تجابه اندفاع الناس وغضبهم.

وتستمر المظاهرة في تحركها واصوات الهتافات صاخبة باتجاه شارع كليمنصو حيث مقر السفارة الفرنسية، لكي يعبروا عن احتجاجهم ضد الممارسات الاجرامية الفرنسية بحق الشعب الجزائري، وتأكيد وقوف الشعوب العربية مع نصرة الثورة الجزائرية. كانت الشرطة تغلق الشوارع، وثمة أصوات تنادي “لا تستفزوا الحكومة”، وهذا يعني أن المظاهرة ليست ضد الحكومة بل مناصرة الجزائر.

ويرى السارد المرأة محمولة على الأكتاف، دلالة على مشاركة المرأة إلى جانب الرجل في النضال والمظاهرات المناصرة للحق العربي.

يعود السارد حينما شاهد المظاهرة وزخمها إلى الماضي، حيث نعرف من هذا الماضي أن السارد فلسطيني، يتذكر المظاهرات التي كانت يومية في حياة الطفولة التي عاشها في عكا، فثمة دلالات تشير أن مكان حدث الذاكرة هو عكا يقول: “هدير يغطي على صوت البحر الرابض غربي المدينة، المتكسر على حفافي سورها العتيد، الشاهد على ما كان وما سيكون”.

تأخذنا ذاكرة السارد إلى زمن المدرسة التي كان لا يمضي يومها إلا أن يكون هناك مظاهرة أو اضراب. وثمة من كان متخصصاً في تنظيم المظاهرات والاضرابات الطلابية، حيث يقف كبار الطلبة أمام بوابة المدرسة وفي أيديهم عصي يدفعون بها الطلاب إلى الاضراب والتظاهر. وهؤلاء هم الذين يقدرون الأمر (دلالة على غياب الزعامة)، فيختار الطلبة من بينهم زعيماً للمظاهرة، وغالباً ما يكون هو نفس الشخص.

وتشارك المرأة/ الطالبات في المظاهرات في مظاهرة مستقلة، وتلتحم المظاهرتين نحو هدف واحد، يتوجهون للتظاهر أمام دائرة مساعد حاكم اللواء البريطاني، الذي لا يرد على المظاهرة فهي في نظره مظاهرة صبيان، بل يغلق الابواب وينشر جنوده بخوذاته الفولاذية. وينطلق صوت المظاهرة كهدير بحر عكا (يا بريطانيا لا تغالي، لا تقولي الفتح طاب).

ينتهي الفصل دون أن ندري ماذا كان في جعبة الكاتبة من أحداث تكمل بها روايتها، ولكن يتضح من هذا الفصل الاهتمام باللغة والجملة الروائية، وخلق المشاهد وتقنيات الوصف وربطها بالشخصية.

*****

وقد آثرنا أن ننشر هذا الفصل الوحيد من الرواية ليطلع عليه القراء بعد 58 عاماً من نشره في مجلة الآداب، فهو يمثل وثيقة لمشروع رواية.

فصل من رواية/ سيناء بلا حدود: سميرة عزام

فاته أن يستوضح سائق التاكسي حين وضعه في رأس الشارع قائلاً له بأن السيارة لا يمكن أن تقف به لصق المصرف، عن سبب وقوفها بعيداً هكذا، إذ مد يده بالأجرة، ثم أطبق الباب، وحاول أن ينعطف يميناً باتجاه ساحة النجمة حيث تقوم تلك الساعة التي بدا له أنها الشيء الوحيد الذي لم يتغير في المدينة، وأن عقاربها لم تكد تتحول، فلعلها كانت أيضاً في العاشرة والنصف حين مر بها لآخر مرة قبل عشر سنوات ليركب سيارة الشركة التي ستحمله إلى المطار، ولكنه بعد أن خطا بضع خطوات لاحظ أن الناس يمشون في شبه هرولة، وأن بعض الحوانيت أغلقت مصاريعها نصف إغلاقه، وأن أنفار الشرطة تبدو متحفزة بشكل غير مألوف، وأن الناس قد رسموا وجوههم بطريقة تتراوح بين أن تكون قلقاً أو ضيقاً أو انفعالاً .. وإذ بلغ تقاطع الشارع فوجئ بأعداد من الشبان لعلهم أن يكونوا طلبة أو أعضاء منظمات يمشون صفوفاً غير منتظمة ويهتفون هتافات مترنحة متقطعة يعوزها التماسك لتعبر عن شيء، ثم ينعطفون يميناً أيضا باتجاه الساعة حيث تتحشد الصفوف في كتلة تتسع وتتلاز وهي تتلقف مزيداً من هؤلاء الشبان والشابات انحدروا إليها من تشعبات شارع المعرض، ومن الشارع الاخر الذي ينحدر نحو الساعة من طريق مبنى البريد. ثم يكبر الحشد ويكبر، ويلوح كزيد من هذه الرايات التي تخفق بمختلف الأسماء والشعارات، والتي اتسخت أو كادت لكثرة ما رفعت في مناسبات، وأخذت الأصوات المتفرقة الناشزة تجتمع وتعرض، ثم تغدو صخابة هادرة وهي تردد نداءات موقعة صب فيها هؤلاء المتظاهرون كل انفعالاتهم التي ازدادت حرارة مع شمس بدأت تتسلق تلك الرقعة الظاهرة من السماء، ومع حركات الأيدي التي ترتفع وتهبط في ايقاع يساوق الهتاف “الجزائر عربية، الجزائر عربية”.

وحين استدار وقد جبهته المظاهرة لم يجد لنفسه موطئ قدم فقد كان الهتافة من ورائه ومن أمامه وعن جانبيه، وكان فمه الفم الوحيد المطبق بينها، وقد امتدت يده بحركة غريزية ليطمئن إلى وجود المحفظة التي استقر فيها الشيك، في حين ارتفعت يده الأخرى تدفع قطرات العرق عن جبهته الباردة إذ وجد نفسه محاصراً من كل الجهات بل ومدفوعاً إلى أن ينقل خطواته باتجاه الساعة، وأن يبدو واحداً من هؤلاء المتظاهرين دون أن يدرك مناسبة التظاهر تماماً.

وتتوقف المظاهرة فيما حول الساعة وتلتفت الرؤوس المحمرة الآذان في هدنة من الهتاف لتصغي إلى واحد من المتظاهرين اعتلى درجات البرلمان وأخذ يصيح بكلام غطى عليه لهاث اللاهثين ودمدمات المتدافعين بالمناكب وصياح واحد من هنا أو هناك “الجزائر عربية” “يسقط الاستعمار” “عربية عربية” وينتهي الخطيب، أو لا بد أنه انتهى، إذ ارتفع التصفيق وعاد زعماء الهتافة يتقافزون فوق الأكتاف، وعادت الكتلة المتلازة تتململ واللافتات تتحول إلى وجهة جديدة، وتتمدد المظاهرة وتتشعب في الشارعين الصغيرين اللذين يؤديان بها إلى شارع رياض الصلح، ثم تلتقي تلك التفرعات في كتلة واحدة كبرى تمتد على عرض الشارع سوراً من الاجساد المنفعلة اشتد بها الهيجان، فعادت تصرخ وتقيم جداراً من الأصوات يعلو الرؤوس ويظل معلقاً في الهواء لا يسقط إلى الأرض إذ لا فرجة بين الأجساد المتلاحمة.

وفجأة أصبح واحداً منهم، شبك متظاهر ذراعه بذراعه، ودفعه هؤلاء الذين كانوا خلفه، وبدأت الصفوف تتعرج وتلتوي في شيء من التصعيد بدت معه مقدمة التظاهرة أكثر طولاً واختالت شعاراتها فوق هامة اللافتات الأخرى في طريق لا يمكن لسائر أن يرقاه إلا لاهثاً، فهو ممعن في تصعيده حتى يمر بالبوابة الجنوبية للسراي، وقد ربض أمامها جنديان انتقلا بضع خطوات إلى الداخل إذ مرت بهما التظاهرة.

وانتهى التصعيد لتستدير الطليعة يميناً، ثم يساراً إلى شارع كليمنصو، وإذ سمع اسم الشارع يتردد قدر أن تكون سفارة فرنسية هي وجهة المتظاهرين، وعادت التظاهرة تستقيم، وانسلكت في الشارع وتوهجت هتافاتها، وانتصبت حاجزاً معلقاً في الهواء يتكسر عليه زعاق سيارات الشرطة من الجهة المقابلة، وتتعلق بأطرافه توعدات عنيفة أو هدهدات لا تريد للعنف أن يحطم القمم مرة واحدة “لا، لا تستفزوا الحكومة ..”، وعجب لهذا كيف لم يفقد تمييزه رغم الصياح الذي جرح حنجرته، والعرق الذي يسيل من جلدة رأسه، ثم يسق له جداول صغيرة ينسرب معها على الجبهة أو أمام الاذنين.

وفجأة لم يعد قادراً على أن يحرك قدماً، لقد كفت اللافتات والشعارات عن الترنح، وهبط بعضها عن الاكتاف المرهقة لتستقر الخشبات على الأرض، ثم اعتلى واحد أو اثنان أكتاف الرفاق ورددوا عبارات مسجوعة تلقفها الباقون ببراعة، وأعادوها محتفظين بإيقاعها وسجعها.

ثم رأى وجهاً أنثوياً يعلو الأكتاف، وسمع صوتاً رفيعاً يحاول أن ينفذ إلى الأسماع من بين الأصوات العريضة الجهمة، صوتاً يقول أشياء يعرف جيداً ما يمكن أن تكون، فقد كانت ظاهرة يومية في حياة طفولته، يوم كان طالباً يمضي إلى المدرسة كل يوم بشوق متجدد، لأن تكون هناك دعوة إلى مظاهرة أو اضراب، وغالباً ما كان اليوم المدرسي يتحول لأن يكون واحداً من هذين الاثنين. كبار الطلبة أمام البوابة وفي أيديهم عصي أو ما يشبه العصي يدفعون بها عن المدرسة كل من جاءها على نية الاضراب أو التظاهر، أو على غير هذه النية.

وكثيراً من كان الواحد منهم ينفرد بتقرير الأمور إذا ما اشتم في الجو توتراً في نوع خاص تظهر بوادره في مزيد من الوجوه الحمراء التي لا تكاد تبين تحت الخوذات الفولاذية. يكتسح الشوارع فيمضي إلى المدرسة متخففاً من ثقل الكتب والحقيبة، وفي الساحة الكبيرة يتجمع الصبيان بملابسهم الخاكية ويختارون لهم زعيماً للمظاهرة، يكون في الغالب واحداً لا يتغير، ويأخذون سبيلهم في حواري المدينة القديمة إلى حيث يتجمعون تحت ذلك السور العالي الذي يقوم حول مدرسة البنات، ويقرعون بعصيهم البوابة الخشبية المسمرة، ويستثيرون بهتافهم السجناء في السجن المركزي المقابل فيرتفع لغطهم مشجعين ويتكهرب الجو، وأخيراً تنفتح البوابة الخشبية عن حشد أنثوي حمل هتافاته معه من الأدراج الخشبية في الصفوف، ويختلط الحشدان فإذا بها مظاهرة واحدة تعرف أن نهاية المطاف واحدة لا تتغير، وقفة طويلة أمام دائرة مساعد حاكم اللواء لا يرد عليها بغير احكام الابواب وتحصينها بمجموعة من الرؤوس الفولاذية، وإذ تتعب القبضات الصغيرة من التلويح تتجمع الأصوات المتنافرة – الأصوات الأنثوية الثاقبة، والأصوات التي تراوحت رقة أو خشونة بمقدار المسافة بينها وبين سن البلوغ، الأصوات المتهدجة المختنقة اللاهثة، الأصوات المتوعدة المتهددة، الأصوات العالية أو الخفيفة، الأصوات التي تنطق والتي لا صوت لها، الأصوات السوقية التي تمرست بثقافة الأزقة، والأصوات التي لا تتحدث إلا همساً، هذه كلها تجتمع وتتراكم وتلتحم وتختلط فإذا بها هدير يغطي على صوت البحر الرابض غربي المدينة، المتكسر على حفافي سورها العتيد، الشاهد على ما كان وما سيكون، “يا بريطانيا لا تغالي لا تقولي الفتح طاب”.

زر الذهاب إلى الأعلى