قراءة في رواية زمن الشيطنة للكاتب شفيق التلولي

في رواية زمن الشيطنة للكاتب شفيق التلولي
بقلم: جواد العقاد/ رئيس التحرير
وقعت الرواية في “196” صفحة من القطع المتوسط موزعة على عشرة فصول مترابطة بحيث لا يمكن الاستغناء عن أي فصل أو تقدم أحدهما على الآخر، واعتمدت على شكل السرد التناوبي بمعنى أن الكاتب كان يذكر أحداثًا متفرقة من القصة الأساس وهي قصة مبعدين كنيسة المهد، وارتكزت على الاسترجاع بشكل أساس في عدة فصول، أما المنظور السردي فجاء بضمير المتكلم المفرد في الغالب.
رواية زمن الشيطنة، رُغم صغر حجمها، إلا أنها حفظت جزءًا أصيلًا من ذاكرة الشعب الفلسطيني من خلال التداخل ما بين العام الوطني والخاص العاطفي، فقد تتبعت مسيرة “خالد المالح” النضالية وطرحت قضية لأول مرة تُطرح في الرواية العربية في فلسطين وهي قصة مبعدين كنيسة المهد وما تبعها من معاناة وتشرد، خالد الذي زار غزة في صغره ورآها بعين البراءة قد أُبعد إليها في زمن الشيطنة وهو الحقبة الممتدة من (2002إلى 2018م) والتي شهدت فيها القضية الفلسطينية تحولات عدة أخطرها الانقسام. عالج الكاتب هذه القضية بمزاج الأديب دون أن يحول الرواية إلى درس في التاريخ وساعده في ذلك رسم خط عاطفي مواز للخط الوطني من خلال قصة الحب التي جمعت بين خالد وروزيت التي كانت بمثابة عصب أساس في نجاح الرواية، فالحب في العادة يهب النص رونقًا خاصًا ينعكس على الوصف والمشهدية. ويحسب للرواية أيضًا نقلها لبعض العادات والتقاليد الغزية مثل: طقوس الأعراس، والأغاني الشعبية ..
وطرحت الرواية قضية في غاية الأهمية وهي الوجود المسيحي في قطاع غزة وتقول أن غزة تعود للمسحيين منذ زمن بعيد وهذا الطرح يضعنا أمام تساؤل مهم وهو لماذا أصبحت المسيحية أقلية في غزة؟؟ وتطرقت إلى التعايش بين الأديان وكذلك إلى الخطاب الديني المتطرف ومن ذلك تخوف روزيت من إغلاق جمعية الشبان المسيحية بعد إحراق دُور السينما ومكتبة الهلال الأحمر والاعتداء على رموز الحركة الوطنية بحجة أنهم علمانيين وشيوعين.
يقول الكاتب على لسان روزيت وكأنه يريد القول أن التطرف في كل دين يشوه إنسانيتنا وعلاقتنا بالآخر:
“سيرفضون فكرة ارتباطي بمسلم خاصة وأن أخي
إلياس متعصبٌ وغالبًا لا يقبل بذلك بالمطلق؛ فكثيراً ما
كان يرفض فكرة الزواج ممن يدين بديانة غير ديانته مع أنه
يؤمن بالتعايش المشترك بين الأديان في إطار قومي واحد
و لكن ليس على أساس التزاوج فيما بينهم استناداً إلى فهمه
لتعاليم الكتاب المقدس”.
ختامًا: استطاع الكاتب بحنكة معالجة عدة قضايا وطنية وعاطفية واجتماعية والربط بينها في قالب روائي ممتع، وإذا تمعنا في الرواية أكثر نكتشف أننا أمام رواية غنية بالخبرات والمعارف، ناهيك عن أن الكاتب كان له رؤية خاصة تجاه بعض القضايا مثل الحب فهو يرى أن القلب بإمكانه أن ينبض بالحب مرارًا وحقق هذه الرؤية من خلال حب روزيت لخالد بعد استشهاد حبيبها الأول محمود.