ثقافة

ناصر عطا الله يكتب عن رواية “مرايا النار” للكاتب السوري حيدر حيدر

مرايا النار للكاتب السوري حيدر حيدر

بقلم: ناصر عطا الله/ شاعر وإعلامي

تيه الروح، وتشظي النفس إن علت طموحاتها، واندركت كطائر خرقه سهمٌ وواصل الطيران إلى حين الهاوية الجائعة، فيض خيبات، وانكسارات،جرتها عسكرتارية القمع، وأنياب الشهوة الطاغية، ومرارات الاغتصاب، والفساد.

الضحية عندما تتحول إلى سجانة عابرة للقيم والأخلاق، مقيمة في الطاغية المنتقمة من رجل وهبها حياته بعد فضيحة، وستر عليها لتتعرى أمام أخيه لتخونه معه لا لعذر أو مبرر لسوى سوء حظ أصابه بحادث سير أقعده في تابوت متنقل.

أما الغريب المجهول المستتر والهارب من حروب القبائل وبرك الدماء عبر قطار لا محطات له، ولا مخرسات لاصوات دواليبه الحديدية، فلعنة أخرى تقع على رأس التاجي المشلول، القعيد، العاجز، المطعون بذكوريته، المشبع بالمرارات، المكسور كقطعة زجاج مغشوش، فالغريب يقيم في منزله لتبدأ خيانة عريضة على بعد جدار واحد من سريره، وتابوته المتنقل، فدميانة التي اغتصبت في صباها، تفجرت شهوتها لكل متناولها، وأجرت على زوجها العاجز ما تجريه الزلازل على ساكني الطوابق العليا، ردم للكرامة، تخريب للنخوة، تفجير للمروءة، فساد للحب، طمس للذكريات الجميلة.

الخيانة وحدها حرب كونية في النفس على النفس، تدمير لا قياس لخرابها، ولا ضابط لتيهها، لا رجعة للسلم ولا السلام بأدنى مستوياته، الخيانة انتحار بحبل مسفود، وسم متجرع، وسيف بتار أرهق نار غليه، ولا تسكين لندبها غير اقتلاع أبدي لجذرها.

ناجي العبدالله وعبدالرحمن التاجي ودميانة أبطال ( مرايا النار) وأما الأحداث ميدانها كل نفس تتوهم أمام عجزها وشللها مصدره خيانات الأخرون لها.

رواية تستحق المطالعة لشعرية العبارة، وتدفق رهيف في مصطلحاتها،وتيجان عالية وناصعة في لؤلؤة الاجتباء المتقن للكلمة، ولا شك وبدون أي شك أن حيدر حيدر يعبر عن موقفه من ثوابت يقينية عند أغلبنا وهو إلى ما يذهب إليه، لنبقى نحن على يقيننا الثابت في ثوابت المعتقد والمتعبّد.

الرواية من إصدارات ورد للطباعة والنشر والتوزيع السورية، صدرت في عام 2000 بطبعتها الثالثة، بعدد ورقها المئة وإثنين وعشرين متوسط الحجم، ولوحة الغلاف للفنان الدكتور أحمد معلّا.

 

زر الذهاب إلى الأعلى