قراءة موجزة في سيرة فدائي عتيق للروائية أسماء أبو عياش

قراءة موجزة في سيرة فدائي عتيق للروائية أسماء أبو عياش
بقلم/ عباس مجاهد التميمي
هذه السيرة توثيق لما نريد توثيقه من حياة الأبطال أمثال عدنان أبو عياش زوج الروائية وصحبه الثوار، هذه السيرة ترسم خطّ الثورة وبداياتها في أبهى خصالها، هذه السيرة تخطّ الصبر مع المحتل كيف كان، والعقل كيف يتدبر المشكل إن واجهه، وكيف يخطو مقاوما؟.
وأرى أن كتاب فدائي عتيق هو سيرة غيرية بقلم روائية أسدلت فيها السردية اللغوية لتحتل في بعض منابتها حكاية من رواية ومن واقع حقيقي عاشته مع رفيق دربها المرحوم القائد عدنان أبو عياش.
قدمت هذه السيرة تاريخا عريقا لبلدة بيت أمر، واستذكرت السيرة قادة أبطال أذكر منهم يوسف ابراهيم أبو عياش، وتحدثت السيرة عن المعارك التي انتصر فيها فدائيو بيت أمر، كما استذكرت زوجات ومعشوقات الشهداء.
الكاتبة اسقطت قلمها لتعرفنا على بعض المصطلحات الثورية ودلالاتهامثل؛ نقطة ميتة، وركزت على دور بطلها عدنان في تحقيق الهدف والحلم.
حدثتنا عما حدثها عدنان في الغربة وعنها ونقاط الحياة المختلفة بين العالمين العربي والأوروبي، وأرخت فيها عن الحق الفلسطيني، فلم تسمي المناطق بمسميات العدو لها بل سمتها بالاسم الفلسطيني، فقالت : ظهر الكدس ولم تقل عصيون.
وفي قراءتي للسيرة أدعوكم لقراءة فصل حكايات البلد حيث التقت الأميرة أسماء بفارس أحلامها عدنان في حيّ الفاكهاني من بيروت حيث فصائل منظمة التحرير ومبانيها…
جاء في هذا المصنفِ تفاح ولوز وعنب بيت أمر، وهذه مزروعات ثابثة وهي من الموروث الفلسطيني الزراعي، وإياكم أن يغيب عنكم تتبع قصص راجح أبو عياش وكثير من القصص الخيالية والبطولية دارت حوله؛ فكل رجالات الثورة يعرفون أنه فاكهة الثورة لفكاهته وخفة دمه.
وأرخت السيرة من خلال بطلها عدنان لنكبات ومجازر وآلام في 67 و 48، وكل حكاية تأتي بحكاية، في السيرة أسماء لشهداء أبطال لم نسمع عنهم؛ رجاء أبو عماشه، وهايل عبد المجيد وشهداء سمعنا عنهم صلاح خلف وعمر أبو ليلى…وغيرهم.
في السيرة فتح الأوائل وشخصيات منظمة التحرير الأُول، فيها الكفاح خارج الوطن من أجل الوصول للوطن، تونس والجزائر والأردن وبيروت ووووووو، وجاء فيها الدور العراقي والمصري والأردني في الثورة، وفيها معاناة السجين الفلسطيني في الأسر، حماد الصانع.وفيها الحس الأمني الفائق عند رجالات المقاومة والثورة.
بينت أميرة السيرة وكاتبتها دور المرأة الفلسطينية في الثورة، اقرأوا وتعلموا دور وجيهة موسى رضا الحسيني، ولم تخل من دور الثوار في البلاد العربية، 35 ثورجيا فلسظينيا يحمون جيش العراق حتى لا تقع العراق في قبضة الانجليز، وفي هذا الكتاب التاريخي فضح للجيش الاحتلالي وطريقة اقتحامه لبيوت المناصلين لتخويف الأسر والجيران… والكثير الكثير من المحطات الهامة في تاريخ الثورة الفلسطينية.
السيرة جاءت حية بالمضامين المتجددة، فهي صورة صادقة شفافة لتجربة الكاتبة، وهي مصدر من مصادر المعرفة والمتعة؛ حيث اطلعت على دخائل النفس البشرية وأسرارها في مواجهتها للواقع في إطار فني متماسك، وأظهرت السيرة موقف الكاتبة من الشخصية التي تترجم لها؛ فهي سعت من خلالها إلى إرضاء الشغف النفسي، وهي تكتب تراجم العظماء؛ لانصافهم وتقديرهم وإعطائهم حقهم في الجزاء والإعجاب.
هذه السيرة سيرة تعليمية وغيرية وتاريخية وأدبية، واتسمت بالتمحيص الدقيق والأمانة الموضوعية وسُخرت الأحداث لعاطفة الكاتبة ففيها رهافة من الحسّ لا إفراط في الخيال وجاءت منمقة وممتعة تثير القارئ ولا تحريف ولا تزوير للحقائق فيها، وفيها دخائل النفس وتجارب الحياة، والصدق التاريخي حاضر بقوة، حيث إنها غنية بالحدث والشخصية والزمان والمكان حيث تقاطعت السيرة مع الرواية أحيانا وتلتبس فيها، فالكاتبة استكشفت الأشياء والأشخاص من جديد وأعادت بناء الأحداث من جديد حسب الواقع بلغة سليمة رقراقة مستخدمة ألوانا من البلاغة والمجازات والدلالات وابتعدت عن الغريب الحوشي من الألفاظ، في هذه السيرة لم تحضر كل القضية الفلسطينية ولكن إن أردتم معرفة القضية فهي أسماء ناصر …فلسطين أسماء، وأسماء فلسطين، القضية أسماء وأسماء تحمل معها تفاصيل باقي التاريخ والقضية.
