نصوص

قصائد من وادي عبقر… بقلم: كريم معتوق

قصائد من وادي عبقر

بقلم: كريم معتوق/ شاعر من الإمارات 

تقول الأسطورة إن وادي عبقر يسكنه الجن ، فمن بات فيه ليلة سامر فيه الجن ، فإن طلع عليه الصباح ، خرج منه شاعرا أو مجنونا ، وكان من العرب من يبيتون فيه على أمل أن يخرجوا منه شعراء .

القصيدة طويلة مكونة من ست مقاطع

( 5 )

قالوا قرأْنا عنكَ أشعاراً

عن الأمِّ التي قد غادرَتْكَ إلى المماتْ

لكنّنا لم نلقَ ” معتوقاً ” بشعرِكَ خالداً

بادرْتُ عفواً !!

قيلَ هاتْ

قلتُ الأبُ الحاني تُخَلِّدُهُ خِصالي

كان بي شَبَهٌ من العينينِ

لونُ سمارِهِ في حِنطَةِ العربيِّ

معتدلٌ بقامتِهِ الثباتْ

قد ماتَ قبلَ أوانِهِ

إذْ كانَ منشغلاً بفقْرٍ لم يجدْ وقتاً

ليَهْنَأَ بالسنينِ المُقبلاتْ

قد كانَ أمِّيّاً فلم يحفظْ من القرآنِ إلا

بعضَ آياتٍ قِصارٍ

“جزءُ عمَّ ” وكأن أقصى ما تداوَلَهُ

بقرآنِ الصلاةْ

ومن النساءِ قد اكتفَى في زوجتينِ

وكانتا كلتاهما أمّي حناناً ،

بحرَ إحسانٍ وقافيتي نجاةْ

يبكي لأخبارِ العروبَةِ

والذي مسَّ العروبةَ

من ضياعٍ من كراماتٍ يراها عارياتْ

في البيتِ رغمَ صُراخِنا وضَجيجِنا

يستودِعُ المذياعَ في أذنيْهِ يسمعُ ( لندنٍ )

ويطاردُ الأخبارَ يغلبُهُ السُباتْ

لا وقتَ يملكُهُ وأوْصانا

بصوْنِ الجارِ، لا نؤذي غريباً

لم يكنْ رجلاً لديهِ عصا لموسى

أو لديهِ المعجزاتْ

قد عاشَ في صمتٍ كأني لستُ أذكُرُ صوتَهُ

والبُحَّةُ الصُغْرى

إذا اختنَقَ الدُخانُ بصدرِهِ والحَشْرَجاتْ

يحْنو على غَنَمٍ لديهِ كأنَّها الأبناءُ

يضحكُ فرحةً إنْ أنجَبَتْ جدْياً

وعنْزَتُهُ استقامَتْ في حنينِ الحانِياتْ

لا يقتفي حسداً إلى أحدٍ

كأنَّ اللهَ أودَعَهُ الرِضا

لم ينتبهْ ،

لم يعطِ مَنْ سبَقوهُ في الدنيا التِفاتْ

ما جرَّهُ طمعٌ ليملِكَ واكتَفَى

أنْ غادرَ الدنيا بلا دَيْنٍ عليهِ

وليسَ من فضلٍ عليهِ

برغمِ أن الفضلِ صنْوِ الكائناتْ

فكأنَّما الرحمنُ لمّا قد دَعاهُ ليلتقيهِ

ليهْجُرَ الفقرَ القديمَ

تبسَّمَتْ عيناهُ

قال بنظرةِ المُشتاقِ : آتْ

ونزلتُ فيه القبرَ آخرَ مَن رآهْ مكفناً

قبَّلتُهُ فكأنّهُ

في الموتِ قد بدَأَ الحياةْ

زر الذهاب إلى الأعلى