نصوص

نهاية حامد الطفران . ق..ق… بقلم: محمد نصار

نهاية حامد الطفران . ق..ق

بقلم: محمد نصار/ أديب من فلسطين 

ما من يوم يمر إلا وتهرع الحارة، بصغيرها وكبيرها، إلى بيت حامد الطفران، من أجل فض العراك الدائر بينهم، ولا حرج إن كان الوقت ليلا أو نهارا، فقد اعتادتنا مثل هذا الأمر، فجأة يدوي الصراخ والعويل، مصحوبا بأصوات تطاير الآنية و ارتطامها بكل شيء يقابلها، متبوعة باللعنات والشتائم وكثير من العبارات المقذعة، الأمر الذي يدفع الجيران رغما عنهم، إلى التدخل وفض الاشتباك، قبل أن يستفحل ويصل إلى ما لا تحمد عقباه، خصوصا أنه في مرات كثيرة، نقل أحدهم أو بعضهم إلى المستشفى، جراء كسر في يد أو جرح في الرأس أو الوجه، حتى أنك لتتساءل مصدوما لفداحة ما ترى: أهم حقا أخوة يعيشون في بيت واحد وأبناء رجل واحد؟،أم خليط من أعداء متناحرين، ففي واحدة من المرات الدامية، سقط أكثر من نصفهم جرحى، إثر استخدام البلطات والآلات الحادة وكل ما وقع تحت أيديهم من عتاد، فأطلق عليها بعض السمجة في الحي معركة أحد، دون أن ندري من المسلم فيهم ومن الكافر.

في هذه المرة قرر كبارات الحارة ورجالاتها وضع حد لهذه المهزلة ، حتى لا يخرج لهيبها المنفلت عن السيطرة، فيؤذي من لا دخل له، من المارة، أو من يسعون لفض الاشتباك والصلح بينهم، فرأيت العجب العجاب، كوني أحد أعضاء الفريق المكلف بمتابعة الأمر، حيث الأبناء منقسمون إلى فريقين، اثنان في صف الوالد وثلاثة مع ابنتين في صف الأم وحضنها، فيما كل فريق يلقي باللوم على الآخر ويكيل له الاتهام بالتسبب في المشاكل، فكاد الأمر ينفجر في حضورنا إلى عراك جديد، جراء سيل الاتهامات المنفلت من كلا الفريقين، بلا رادع أو حياء ولولا وجود مندوب من الشرطة ييننا، لدارت معركة لا يعرف مداها إلا الله، فالزوجة وفريقها يتهموم الأب بالبخل وسرقة نصيبهم من أموال الشؤون وبيعه في الدكان، دون أن ينفق عليهم مليما واحدا والأب يتهمهم بسرقة دكانه، كلما لاحت لهم فرصة ولا يسعون لعمل يعيشون منه كبقية الخلق، مكتفين بالاتكاء على كاهل عجوز لا يراعون شيبته، ثم يعود من جديد لكيل الا تهام لزوجته، بتحريض الأبناء عليه وهي تتهمه ثانية بالبخل والسعي للزواج من أخرى وكل فريق متسلح بمن معه من الأبناء وما تيسر من سلاح وعتاد منزلي.

بعد عدة جولات ونقاشات مطولة، مال علي زميل في الفريق وهمس قائلا: لا جدوى من الخض والرغي.

– ماذا تقصد؟

– ندعهم وننصرف ليقتل بعضهم بعضا.

– يا رجل طول بالك، لعل الله يهديهم إلى سواء السبيل.

– لا هداهم الله.. مثل هؤلاء لا يستحقون الهداية، بل الموت الزؤام

ثم هب واقفا ومضى، الأمر الذي استدعى انتباه الحاضرين واستغرابهم، فخيمت لحظة صمت، توالى على إثرها انسحابنا من المكان، دون التوصل إلى شيء، لنباغت بعدها بأيام قليلة، بصراخ يشق سكون الصبح وهدأته وعربات شرطة تجوب المكان وتحاصره، ثم يتضح للجميع بعدها، أن حامدا وجد ميتا في فراشه وأن اثنين من أبنائه هربا صوب السياج الأمني والشرطة تلا جقهما، فيما الثلاثة الآخرون وأمهم رهن المعتقل.

زر الذهاب إلى الأعلى