ثقافةمقالات

الناقد الدكتور عماد فغالي يحلّل دم أنور الخطيب الذي صار خرافة

الناقد الدكتور عماد فغالي يحلّل دم أنور الخطيب الذي صار خرافة

بقلم: د. عماد فغالي/ لبنان 

دمي الذي صار خرافة

ما هذا البغاءُ المستلقي على شاطئِ الأرجوان!

ينتظر القواربَ المحشوّةَ بالعبيدِ ليلقي عليها وصايا الحرّية!

ما هذه الثرثرات في الشاليه المجاور للموج تفوح منه رائحةُ اغتيالِ اللازورد!

والبحارةُ القدماءُ مُقيّدون برملِ الرحيلِ لذبحهم عند استقبالِ أدونيس

جاء كي يموت لتحيا عشتار،

كم أنت ساديّ يا إله البحر

المشهد كلّه لا يساوي جثةَ طفلٍ مهاجرٍ على شاطئ الحنان،

لتذهب آلهةُ الحبّ إلى الجحيم

ولتأخذ معها شقائقَ النعمان لتحيا قصيدتي، وتنجو حبيبتي،

أنا القصيدةُ

خطفتني الأسطورة حين كنت أطعم الحمام من قلبي

وألقمتني لنارِ النّبوّة،

كيف يرضى اللهُ أن تُكتبَ آيةٌ بحبرِ عظامي

يُصلبَ الهديلُ على سور صوتي

تُأسرَ الأغنياتُ في قارورة منفاي

تُزجَّ في قلعة الريح لتحرسها البغايا؟

ما هذا البغاءُ المسترخي على شاطئِ الأرجوانِ،

مثل شقائقِ النعمانِ

مثل دمي… الذي صار خرافة

 

“أنا القصيدةُ”، خرافةٌ حبيبة!!

 

هل تدعُني يا شاعرُ أكتبُ في موازاتكَ آيةَ الخُرافة؟ وأنطلقُ في قافلتكَ على مركبي أَنشدُ الأسطورة؟

أنور الخطيب، إلى دمِكَ تكتبُ إلهةَ البغاء، فعلَ إبحارٍ إلى وهم حريّة… أيّها البحرُ احتملْ، احملْ أساطيلَ محمّلةً بالقصيدة… بغاءٌ أنشودتي على أمواجكَ ترتحلُ… “خطفتني الأسطورة… وألقمتني لنارِ النّبوّة…” “المشهد كلّه” انتظاراتٌ قصائديّة، على أوتارٍ ميثولوجيّة من إلهيّاتِ البحر يميتُ إحيائيّاتٍ كُتبت “بحبر عظامي”!

مشهديّةٌ دراميّة بطلُها فعلٌ تجسّدَ قصيدةً، “أنا القصيدة” وتنجو حبيبةً كأنْ “حبيبتي…. أنا القصيدةُ”، تخرجُ كلّها من سياقِ الواقعِ “أنا”، إلى “الذي صار خرافة”. الأنا المتحوّلة بفعل “دمي” تشبّهَ بِ “البغاءُ المسترخي على شاطئِ الأرجوانِ،

مثل شقائقِ النعمانِ”.

خُرافيّةُ المشهد الشعريّ تمحورت في أسطوريّة البحر التصوّرَ إلهًا ساديًّا. استعار الشاعرُ الصفةَ من الميثولوجيا القديمة يبني متنَ سياقه حقلاً معجميًّا كاملاً، لأجل حقلٍ دلاليٍّ يُبحرُ إليه، بواسطته إلى شاطئٍ تارةً شاطئ حنين، تارةً شاطئ أرجوان… مشوبٌ بفوحٍ نتنٍ، برائحةِ الاغتيال، الجحيم… تلكَ المراسي متى أُرخيَت، تكتبُ سماحَ الله بتذمّراتِ شاعرٍ يشكو “أن تُكتبَ آيةٌ بحبرِ عظامي

يُصلبَ الهديلُ على سور صوتي

تُأسرَ الأغنياتُ في قارورة منفاي

تُزجَّ في قلعة الريح لتحرسها البغايا؟”!

كأنّما التذمّراتُ مزجتْ “الله” اليشكو إليه الشاعرُ بالإله الأسطورة القابلِ “البغاء المسترخي” سعيدًا على قلبِ الشاعر حاكمًا على سور صوته، في قارورة منفاه، وفي قلعة الريح وهمَ ثرثراتٍ وصايا حرّية!!!

أيصيرُ الشاعرُ قصيدتَه، كَ “لا يساوي جثةَ طفلٍ مهاجرٍ ” إلى فراغِ مضمونها، هذا “الخرافة”؟

معاناةٌ مستدامة تعيشُ في الشاعر طالما يعيش. يُحسّها طالما يتخبّط بواقعٍ فُطرتْ نفسُه تلفظُ انحطاطاته… معاناتُه طالما هو شاعرٌ عينُه على العُلى، يتقيّأ الدون…

يستعينُ الشاعرُ بعالم اللاواقع، علّ وعيًا إلى الحقيقة يوقعُه في تحقّقِ مبتغياتٍ يحلمها… أمَا هذه في خبايا النفس البشريّة غاياتُ الميثولوجيا؟

أنور الخطيب، شفيفُ روحكَ تنعكسُ نصًّا لازورديًّا من مرايا شعرٍ تعرّفَ بكَ… كلّ قراءتكَ دلالات!!!

زر الذهاب إلى الأعلى