نصوص

مجموعة نصوص للكاتب السوري عصام باصيل.

نصوص

عصام باصيل يوسف/ شاعر وكاتب سوري

(1)
لم يُولدوا بأسمائهم
فالأسماءُ أَطباقُ مَائدة الموت
ينتقي مِنها مَا يَشاءْ
ويترك ْ مَا بقيَ للعشاءْ
لذاك خَلعوا أسماءَهُم
حَطَّموا أوثانَهم وأصنامَهُمْ
وكَتبوا على جباهِهمْ اسمَ الوَطنْ
وَمضوا يعانقونَ الأبديّةْ؟!

( 2)
وَضعوا كلماتي
على أسنّة الرّماح فسالت ْ مِنها الحُروفْ
كيف لقصيدتيْ
أنْ تكتملَ وفي القلبِ آلافُ الجُروحْ؟!

( 3)
أحاولُ أنْ أسْرُق
منْ عُمرِ الشّمسِ شُعاعَ نورٍ
يُبدّدُ ظُلمةَ الوجدانْ
أحاولُ أنْ أنسى
مَا كانَ في الأمْسِ
كي لا يموتَ في داخلي الإنسانْ؟!

(4)
أَرى وجوه الناس وكأنَّ ظِلالها
أشباحُ أفواه تَلتقمُ القهرَ في ذُلٍّ وهوان
وكأنَّ الرؤوسَ خَافضةٌ تلوي أَعناقَها
فهلْ باتَ الكبرياءُ قَزماً بِلا اسمٍ أو عُنوان؟!

(5)
في كُلِّ يوم
أُعلّقُ حُلمَ الليلة الماضية على مشجب الوهم
وأُلقي على وسادتي المُبلّلة بالدموع سُهادَ الأمْسْ
حتّى إذا مّا برزتْ الشمسُ بأنيابِها
نهشتْ صدرَ الليل فأضحى مُضرَّجاً بالدماء
توسّدَ الليلُ عُكّازَه ولاذَ بالفرارِ إلى السماءْ
فيما تربّعت الشمسُ على عرشٍ منْ غيومٍ بيضاءْ
تطلُّ على نافذتي بعيون حَمراءْ
فتحيلُ حُلمي إلى شبحٍ يتسلّلُ إلى ذاكرتي
هُناك حيثُ ترقدُ آلافُ الأحلام ِ المنسيّة؟!

( 6)
مَا زلتُ أشدُّ
أطرافَ الحُلمِ في كلِّ مساءْ
وأبلّلُ وَسائدي بالدموعْ
إلى أن ْ يُعرّيَ الضوءُ عينيَّ
وتتلاشى الصّورُ بوجلٍ وخَشوعْ
فَيرخي الألم ُ قبضتي وأَعلمُ
بأنّ بعدَ الرحيلِ لا رجوع؟! لا رجوع؟!

( 7)
مَا طعمُ الحْرفِ،
إذا جَاعتْ الكلماتْ
ومَا نفعُ الرّيشة
إذا اكتست بالدِّماءْ
كيفَ أُلملمُ أشلاءَ قَصيدة
عَلى مرسَمٍ حُكمَ عليهِ بالفَناء؟!
وكأنّي مِنذُ عَشقتُك
وعينيَّ لا تعرفُ إلاَّ السُّهادْ
إنْ تلّوى الحَرفُ في قَصائدي
لا تتعجّبي
فلونُ عينيّكِ لكلماتي المِدادْ؟!

( 9)
مَا أن أُغلقَ عينيَّ
حتّى يزورُني طَيفُكِ
فيسامرُني إلى الصَّباح
إلى أنْ يُعلنَ الفَجرُ قُدومَهُ
فأفتحُ عينيَ ليتسلل َ صوتُك ِ
منْ نافذتي مع الرياحْ
أقضي ساعات َ يومي
تَسكنُين خَيالي
ومنْ قال بأنّ في العشق ارتياحْ؟!

( 10)
مَا الحياةُ إلا نِزال
يَحتدمُ بينَ الروح والجسد
وكأنَّ الأيامَ بيادق
تَبذل ُ نفَسها على رُقْعَة ِ العُمر؟!

( 11)
لا تَفتقِدْ غَداً أنتَ لستَ نَاظرَه ُ
إنْ كانتْ الرؤية ُ في الليلِ تُحتَجبُ
وعِشْ يومَكَ وكأنَّ العُمرَ فَاقدُه ُ
لا يَضمنُ العُمْرَ
منْ كانَ للأقدارِ يَحتسِبُ؟!
( 12)
لا تنتظرْ مِنَ الحياةِ أنْ تُهديكَ العُّلا
فَما بعدَ العُلوِّ إلاَّ إِخْفاقُ
فإنْ لمْ تَفهم مَعنى الحياةِ فإنَّما
لنْ يَزيدكَ الفشلُ إلاَّ إرْهَاقُ
لا تلتئمْ جُروحُكَ بالبكاءِ عليها
بلْ دَعْها وامضِ فلمْ يَنتهي السِبَاقُ؟!

( 13)
مَا الحياةُ إلاَّ شِراعُ سَفينةٍ
يُصادمُ الموجَ بكبرياءٍ و عُنْفوانِ
لنْ تهدأَ الريحُ طَالما لمْ تخبوْ
في داخِلكَ الأحلامُ والأماني
لا يُعابُ الفارسُ على ذلّةِ حِصانٍ
مَا لمْ يرضَ بالذُلِّ والهَوانِ
فَعجِّل خُطاكَ إنْ اليومَ مُرتحل
فَكمْ منْ حُلم تلاشى في ثواني
لا تُسألُ الأقّدارُ عنْ وجهتها
لطالما كانتْ الأقّدارُ طَيَّ الكُتمان؟!
( 14)
إنْ تشظَّى النومُ في عيونٍ أرّقَها الدّمعُ
فكيفَ لا يعلو على الصّمتِ الصِّياحْ
إنْ تلكّأَ الحرفُ عنْ البوح بما يَعتملُ في الصَّدر
غَفتْ القصيدةُ على سطر مِنَ الجِراحْ؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى