مجتمع

مدرسة الروابي: ثلاثة مشاهد سحرية

مدرسة الروابي: ثلاثة مشاهد سحرية

صفاء حميد ـ خاص اليمامة الجديدة

شاهدت قبل سنوات فيلماً أمريكياً من بطولة رايتشل ماك آدامز، اسمه -Mean girls- أو فتيات لئيمات.
كان الفيلم يتحدث عن فتاة تنتقل إلى مدرسةٍ جديدة  لتبدأ رحلة في محاولة إثبات الذات و مقاومة التنمر الواقع عليها من زميلاتها المتسلطات.
يوم أمس شاهدت في وتيرة متلاحقة مسلسل مدرسة الروابي المعروض على شبكة نتفليكس من إخراج مخرجة أردنية شابة هي تيما الشوملي و تمثيل مجموعة من الفنانين الأردنيين الشباب و قدامى المحاربين كذلك.
للوهلة الأولى شعرت أنني أتابع النسخة العربية من فيلم فتيات لئيمات ،ثلاثة فتيات تجتمع عليهن كل الأضواء في المدرسة ،تعتبر إحداهن نفسها القائدة لمكانتها الاجتماعية والمادية وتعامل بقية زميلاتها بفوقية دون أن تبدي إحداهن تذمراً من الأمر،حتى تأتي الطالبة الجديدة و تبدأ مرحلة العودة و الانتقام.
مريم الصورة المكررة و المستهلكة حتى لفتاة هادئة مجتهدة من عائلة متوسطة مثالية، كما يحاول المسلسل إظهارها ،تحاول معظم الوقت أن لا تقع في المشاكل لتحافظ على صورتها المثالية في البيت و المدرسة.
تقابلها ليان و باقي الشلة،فتيات جميلات وحادات الطباع و مستهترات بالنظام بالضرورة، من الطبقة العليا لأسر غنية و ذات مناصب لكنها أسر مفككة أو يسودها العنف و التمرد،وهي صورة نمطية تحب معظم المسلسلات تحديداً العربية إظهارها لنا لتبرز لنا الفرق بين الشكل و المضمون ربما.
رغم كون القصة مكررة بشكل عام لكن مرّت فيها بعض المشاهد التي اعتبرتها جريئة و مفصلية في المسلسل وفي اعتقادي الخاص لو منحت تيما مساحة أوسع من الراحة في التعبير  لكانت أضافت لمسات أخرى قادرة على رفع قيمة المسلسل،أو على الاقل عملت على هذه المشاهد بصورة أكبر.
المضهد الأول هو المشهد الذي حاولت فيه ليان إظهار مريم بمظهر المعتدية عليها-المتحرشة- ،ولا أنكر هنا أنه مشهد ذو صبغة نتفليكسية تماماً، لكنه مشهد قويّ و جريء في مسلسل عربي يحاول أن لا يخرج عن الإطار المعهود و في الوقت ذاته يحاول صنع اختلاف.
المشهد لم تتم معالجته أو مناقشته أبداً في المسلسل و إنما ورد كمشهد حشو رغم كونه شكّل نقطة مفصلية في الأحداث و هي إيقاف مريم عن المدرسة لأسبوعين و تحوّل معاملة أسرتها لها من التفهم إلى الصرامة و ما ترتب على الأمر من إلحاقها بطبيبة نفسية و تعاطيها للمهدئات ،على أية حال أرى فكرة طرحه فكرة جيدة،خاصة وأن هذا النوع من الأفكار بدأ يشيع حقاً في صفوف الجيل الصغير وتسليط الضوء عليه قد يكون أمراً مهماً في هذا الوقت.
المشهد الثاني: هو مشهد التحرش في البركة، والذي أدّته نوف-ركينسعد- باحترافية عالية، الصدمة و الارتجاف و عدم القدرة على الصراخ و محاولات الابتعاد كلها مدروسة بعناية ،ثم ما تبع ذلك من إسقاط المعلمة الأمر على لباس الفتيات وأنه ما تسبب لهن في ذلك ليمر
المتحرش بعدها بكل ثقة إلى جانب المعلمة و يغمزها وهي ترتدي ثياباً لا تكشف من جسدها أو رأسها شيئاً.
أتبعت تيما هذا بمشهد سير نوف و المعلمة جنباً إلى جنب يعلو ملامحهما إحباط و تساؤل واضحان.
المشهد الأخير: و هو ما ختم به المسلسل،مشهد حازم الأخ الأكبر لليان يحمل مسدساً و يوجهه نحو أخته بعد أن تعهد لوالده بأنه سيحل الأمر-الأمر هو هروب أخته من المدرسة و لقاؤها بصديقها-.
المشهد لم ينفذ باحترافية و لم يكن قريباً للتصديق إذ من جهتي لا أعتقد أن مندفعاً بفورة غضب قد يمكث كل هذا الوقت ليستمع لتوسلات، لكن المشهد بحد ذاته و إيراده في المسلسل كانا فعلاً قوياً و جريئاً،و بغض النظر عن ما فعلت ليان،فالمشهد حاول إيضاح أن جرائم الشرف قد تكون نتاج دسائس و مؤامرات اجتماعية في المقام الأول و جاهزية غير مبررة للعنف،مع التحفظ على الصورة النمطية التي حاول المسلسل إظهار حازم فيها كشاب همجيّ سواء من نوع سيارته أو حمله لمسدس بلا داع أو حتى نوع الاغاني التي يستمع إليها.
المسلسل ضعيف تمثيلياً في رأيي يتضح تماماً ضعف الخبرات فيه،أما من ناحية الإخراج فهو جيد جيداً لكن كان بإمكانه أن يكون أفضل،  فتيما الشوملي موهوبة و تمتلك مفاجآت دائماً .
الموسيقى و الأغنيات في المسلسل جميلة، أما ما ضايقني و ربما ضايق متابعين غيري هو إيراد الكثير من الجمل الإنجليزية في الحوارات ورغم أن إيرادها جاء بطريقة تلقائية إلا أنه كان مزعجاً تماماً بالنسبة إلي.
إذاً هل يناقش المسلسل بيئتنا أم بيئة أخرى لا نعرفها؟
لو وضعنا القشور جانباً من مثل اللباس و الكلام المتداول،فالمسلسل يناقش نماذج حقيقية في مدارسنا ربما لا تكون بهذا الوضوح لكنها موجودة بكل الأحوال.
المدرسة القائمة على المظاهر وإرضاء أولياء الأمور، أولياء الأمر الذين لا يعرفون عن أبنائهم شيئاً والآخرون الذين يطالبون الابن بأن يكون شديد المثالية.
حتى نماذج المعلمات و الطالبات فهي نماذج مماثلة لما نقابله.
هل أضاف المسلسل شيئاً؟
لا أرى أن المسلسل أضاف شيئاً ،هو سلّط الضوء فقط على قضايا كثيرة، وهو تسليط ضوء قلق وخجول لم يحاول حتى مجرد محاولةرفع هذه القضايا لمستوى النقاش.
في المجمل العام المسلسل ليس سيئاً لكن كان بإمكانه أن يكون أفضل، وهذا ما نتمناه لإنتاجات قادمة بأفكار جديدة وأكثر جرأة و قوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى