ثقافة

حوار ثقافي مع الشاعر هشام طعمة

حوار ثقافي مع الشاعر المتألق هشام طعمة

حاورته: هيلين الكردي

من عبق الحضارة ونسيم دجلة والفرات تنبثق أقلامٌ صادقة تصدح بطيب الكلام وجميل الحكمة والبلاغة،
ها هم مثقفو العراق يتألقون في سماء الأدب وفنونه ليسطِّروا أروع وأنقى العبارات.

لنبدأ سلسلة من الحوارات الأنيقة مع بعض الأدباء الشباب في مدننا العراقية، نستفتح بهشام طعمة.

  • من هو هشام طعمة؟

“أنا هشام طعمة، كاتبٌ وشاعر وصحفي من مواليد 20 آب 1986، البصرة. أقطن ريفاً بصرياً وعلى ضفاف شط الكرمة. متزوج ولدي طفلين: سمانة، وكرار.
أعمل في الوقت الحالي إعلامياً في وزارة الكهرباء، ومحرراً صحفياً لوكالةٍ خاصة”.
هشام طعمة “حرفٌ من قهوة يَكتب لحياةِ الآخرين ويرتشف على مهل!”

  • بداياتك في الكتابة؟ ومن الذي شجعك؟

“كانت البدايات عبارة عن خواطر يومية سجلتها في مفكرتي الشخصية في وقتٍ مبكرٍ جداً. ونشأت في بيئة وعائلة شجعت على ذلك؛ ويمكن أن نُطلق عليها مذكرات على شكل نثر، بَيِد إنها لا تتصل بأيةِ قاعدة تمسُّ الأدب بأي صلة وعنوان؛ كونها مذكرات شخصية تطَّور الأمر على صعيدٍ شخصي ونتيجة ما تراكم من مذكرات ظهرت على شكل نصٍ أدبي أو نص قصير، وقبل ظهور برامج التواصل ويمكن أن أقول: أول نص ظهر لي يلتزم بقاعدة هو في عام 2003، بعدها تطرقت إلى قصيدة النثر، الومضة، التوقيعة، الهايكو، الشذرة، والـققج وحتى الرواية.
البدايات لاشك أنها صعبة سيما لانك تكتب نصاً فصيحاً يلتزم بقاعدة معينة، ويحتاج إلى فكرة وصورة شعرية وينتهي بدهشة.
وأودُّ الإشارة هنا إلى أنَّ بداياتي كانت محاولات في الشعر الشعبي إلا إني لمْ أجد نفسي فيه. شجعني ومدَّ يد العون لي من كانوا على تماس مباشر مع هشام طعمة، ولا يمكن حصرهم بأسماء. فجزيل امتناني لمن شجعني وعلمني حرفاً. أقول:
لو لا الأربعة أعوام لهلك هشام”.

  • لأي مدرسة تميل وبمن تأثرت من الأدباء أو الكتاب؟

“يميل هشام طعمة إلى مدرسةِ الحداثة والتجديد التي تحاول مجاراة العصر الحديث معبِّرة عن هموم الشاعر وآلامه، مناسبة في شكلها مع مبدأ الاقتصاد الذي يحكم حياة العصر الحالي والسرعة والاختزال، و بمعنى آخر تصوير لحظة أو مشهد أو موقف أو إحساس شعري خاطف يمّر في المخيلة أو الذهن يصوغُهُ الشاعرُ بألفاظٍ قليلةٍ. وهي وسيلة من وسائل التجديد الشعري، أو شكل من أشكال الحداثة التي تحاول مجاراة العصر الحديث، معبرة عن هموم الشاعر وآلامه، يختزلها بمفردات بسيطة بليغة مقتصراً على قصيدة بكاملها تواكب العصر. وهذا الأسلوب اتبعه كُتَّاب وشعراء من العرب والغرب. فمحاولات مدرسة الديوان أو جماعة الديوان جاءت من هذا المنطلق، وتأثرت بأسلوب جبران خليل جبران كثيراً، ومسحة كبيرة من شاعر البصرة ومبتكر الشعر الحر بدر شاكر السيَّاب”.

  • عندما تكتب نصوصك هل يكون لديك هدف معين، أو رسالة تريد إيصالها أم ماذا؟

“نعم.. لماذا نكتب أساساً؟ في جواب قديم للصحافة على سؤال “لماذا تكتب؟”، قال الكاتب الكولومبي الراحل غابرييل غارسيا ماركيز إنه يكتب “لكي يفرح الأصدقاء”، فيما أجابت الكاتبة الأميركية سوزان أورلين عن نفس السؤال بـ”أكتب لأنني أحب أن أتعلم عن العالم، أحب سرد الحكايات والتجربة الفعلية لصنع الجمل”.
نكتب لحياة الآخرين، نكتب ما يخالجنا من شعور، نكتب لتدوين كل حدث في عصرنا الحالي ونحن الآن في ظروف وبيئة مليئة بالأحداث، لا سيما في وطننا الجريح النازف الذي عانى الويلات. فالبيئة الخصبة أجبرت الكُتَّاب أن يكتبوا ويوثِّقوا ما مروا به، ومنهم هشام طعمة. لذلك فأنا أرى أن الكتابة فعل سامٍ وراقٍ، يتوجب أن يُسخَّر لكل ما هو خير، فإما أن تكون الغاية من الكتابة رسالة نبيلة تسعى لأن ترتِّقُ جرحاً، أو تُسعد قلباً، أو تنير عقلاً، أو تنشر الحب والسلام وإلا فلا”.

  • تفاعل الشارع ومدى تأثره أو تقبُّله للنصوص المطروحة؟ “للأدب أهله ومتذوقيه. أحياناً تكتب نصاً يلامس مشاعر وعواطف الجميع، فتجد المتلقِّين من مختلف طبقات الشارع. وأحياناً يخصُّ طبقة أو فئة أو نقداً ما، فترى تقبُّله من البعض.
    النتيجة: إن الأدب هو الكلام الجيِّد من المنظوم والمنثور وما يتصل بهِ من تفسير، وهو تعبير عن العواطف بأسلوب جميل، فالشعر عاطفة جيَّاشة ونغم عذب وأسلوب جزل أو نغم حزين، وأسلوب سهل في المواضيع التي تناسب ذلك. وهو كالرسم والنحت والموسيقى يقوم على موهبة فطرية خاصة تتهيأ لإنسانٍ دون إنسان، ودعيني أقول بصراحة:
    “إن لمْ يُحدث الأدب في نفسِ قائلهِ وسامعهِ وقارئهِ لذةً فنيةً، وانفعالاً خاصاً يُحرِّك فيه المشاعر والأحاسيس فلا يعتبر نصاً أدبياً ولا قائله شاعراً كاتباً أديباً “”.
  • نبذة عن مؤلفاتك أو كتاباتك وأقربها لنفسك؟

“خلال الفترة المتعاقبة كتبت الكثير من النصوص الأدبية، كمية لا بأس بها، وتؤهل لطباعة كتاب أو مجموعة تضم عصارة هذه النصوص، وهي الآن قيد الدراسة لطبعها إن شاء الله.
نشرت لي العديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية إلكترونيا وورقياً، نصوصاً كثيرة. صدر لي في الآونة الأخيرة كتاب مشترك فيه مجموعة نصوص فازت بمسابقة أدبية، وصدر الكتاب تحت عنوان “شتاتٌ متلاحم”.

من النصوص القريبة إلى نفسي وأرددها كثيراً، وفي مواضيع مختلفة سأورد منها على سبيل الغزل:

الشامات التي انتشرت
على صفحة خديك…
الطريقة الأولى أن ابتكر العالم
وضع النقاط على الحروف …!”

وللوطن وكوورنا نصيب أيضاً مما كتبت، قصيدة نثر نشرت في العديد من المواقع الإلكترونية والصحف العربية:

منفيٌّ من مقبرة

الألم أن تُنفى بعد الموت
وحيداً بعشرين ذراعاً
وتأكل الأرض عشبة رأسك
لستَ طيراً
أو نبياً مرسلاً
حتى ترفس الأرض برجلك
وترقص مذبوحاً من الألم
يتقمصك التراب
ويعيدك سيرتك الأولى
خشبة باردة أو شجرة ميتة
غادرتها العصافير من أمِ رأسها
وفي صدرها تكدَّست
أعشاش الخوف وغربة الوطن
ينفخ في الصور ثانية
فتجيء مثل جذع غريق
عائد من منفاك البعيد
بزعانفِ الخيبةِ والخذلان
أو مثل بذرة تائهة في الريح
بوجهٍ شاحب طريد
قد ماتت لهفتك لوطن
متسائلاً بإعياء
كيف انتهى هذا العالم
وأمنيتك محشورة في ثغره..!

وهناك نص لمن الجنة تحت قدميها، أردده كثيراً لأنها حبل الطوارىء الوحيد الذي صنعه الله لنا:

الأمهات
حبل الطوارئ إلى الله
نَهرعُ إليه كلما ضاقت قلوبنا…!

ومما كتبت لمن قَضى عطشاً وروى بمهجته الحرى العالم أجمع ومازال يُسقي الأحشاء بالسلسبيل الزلال، الخالد الحسين بن علي عليه السلام:
السراب كانَ أصلهُ ماء تلاشى عطشاً بعد أن قُتل الحسين!!

والكثير من النصوص لا يتسع المجال لذكرها، تطلب في محلها إن شاء الله”.

  • طموحك للمستقبل؟

“طموحي تأسيس مدرسة تتبنى نهج الحداثة في الأدب العربي، تضم الطاقات الإبداعية من الشباب الذين يمتلكون مواهب فكرية وأدبية وتحتضن إبداعهم”.

“وفي الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل للأيقونة والمتألقة الإعلامية الأستاذة هيلين الكردي. وشكراً من القلب للجهود المبذولة ولكل جندي مجهول ساهم في إخراج هذه الحروف، ولمن يقرؤها أيضاً بالغ شكري وامتناني لكم جميعاً”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى