نصوص

نهاية مرزوق الشاطر.. ق.ق: محمد نصار

نهاية مرزوق الشاطر.. ق.ق

لم يحظ مرزوق الشاطر من اسمه سوى برسمه، فهو يتيم الأب منذ كان في الخامسة من عمره، ربته أمه على الصدقات والفطر, التي كانت تأتيها في رمضان ومن خلال تسويقها لمنتجات بيتيه، تبيعها على أبواب المدارس وحين اشتد عوده قليلا، مارس بيع النعناع وربط الفجل في الأسواق ومن بعدها حمل إبريق الشاي وراح يدور به على المحال والباعة الجوالة في السوق، ليعود آخر النهار بقروش معدودة، بالكاد تسد رمقه وتطفئ شيئا من الغضب الذي يجتاحه على هكذا حال.

كبر وكبر الحقد في داخله، حتى كره اسمه وغالبا ما كان يعقب على من يناديه به: ب متعوس الهامل وحياتك.، إلى أن قادته الخطى إلى صاحب مزرعة دجاج، له دكان في السوق، رأى فيه الشخص الذي يمكن الاتكال عليه في الكثير من الأشياء التي يعوزها، فأوكل إليه مهمة الإشراف على المزرعة وحراستها ليلا، فكانت بالنسبة لمرزوق طاقة القدر التي فتحت له، يمضي نهاره في إعلاف الدجاج ورعايته وعند المساء يختار أنضجها لتكون عشاء له.

في البداية كان يخفي الريش وما تبقى من عظام داخل حفرة، كي لا يبقي أثرا لفعلته، لكنه بعدما زاره الرجل فجأة ورأى الفرخة على النار، قال محاولا تبرير فعلته: كانت توشك على الموت فعاجلتها بالذبح.

تبسم الرجل وقال مهدئا من روعه: لا عليك يا مرزوق ..أنت هنا صاحب المزرعة ولا سلطان لأحد عليك.

بعدها بدأ مرزوق يمارس فعله، كما لو كان الآمر الناهي هناك، حتى التجار الذين كانوا يتوافدون على المزرعة، كانوا يسترضونه، لكي يوصي بهم عند المالك، إلى أن وصل الأمر ببعضهم لدفع الرشاوى والمبالغ التي يفرضها عليهم، حتى هُيأ له أنه المالك الحقيقي للمزرعة، إلا أن باغته صاحب المزرعة ذات ليلة وهو في غفلة من أمره وفي يده رزمة نقود يحاول إخفاءها، فانتفض من مكانه مذعورا وصاح مداريا ارتباكه: من هناك؟

– أنا يا مرزوق.

– معلمي!!.. عساك بخير.

– هات معولا واتبعني بسرعة.

دخل على عجل إلى المزرعة، ثم خرج حاملا معولا وتبعه باتجاه العربة، التي كانت تقف غير بعيد، أشار له أن يصعد إلى جواره، ثم مال نحوه وهمس قائلا: أريد أن تدلني على مكان في الحرش لا يصله الذبان الأزرق.

– خير يا معلم ؟

– نفذ ما أقول.

– حاضر.

بدا الارتباك جليا على وجه مرزوق، لكنه أظهر رباطة جأش أمام معلمه، حتى وصلا نقطة بدت مهجورة في الحرش، فقال هنا، نزلا حينها من العربة وقال له: احفر هنا، تململ مرزوق مستهجنا الطلب، فنهره المعلم قائلا: احفر يا حيوان لدي قتيل أريد موارا ته قبل طلوع الفجر.

– قتيل!ّ!

– إنه عمي ..مالك المزرعة الحقيقي وأنا وريثه الوحيد.. هيا يا بغل.

تصبب العرق من جبين مرزوق، لكنه لم يجد بدا من العمل وحين أتم الحفرة، نظر إليه الرجل وطالبه بأن يحفر أخرى زاعما أنها لدفن أدوات الجريمة، فانصاع مرزوق لتنفيذ الأمر، حتى أتمه على أكمل وجه، حينها طلب منه مساعدته في نقل الجثة ووضعها داخل الحفرة، ثم أمره بأن يهيل التراب عليها وما أن أتم الأمر، حتى طالبه بالنزول إلى الحفرة الأخرى لتعديلها قليلا وما كاد يفعل ذلك حتى عاجله بطلق في رأسه، تهاوى على إثره في مكانه، مستقبلا هيل التراب الذي راح يغمر جسده حتى غابت ملامحة.

زر الذهاب إلى الأعلى