نصوص

هذا ما تبقى

هذا ما تبقى

بقلم: ميار نتيل/ غزة 

الثانية صباحًا، وقد تبدو حياة عادية لطالب جامعي يستعد لامتحان آخر، لكن المنهاج يتغير مُباغتة، من حامد في “ما تبقى لكم” لآخر في نفس المنطقة -غزة- يترقب الأخبار العاجلة على قنوات التلفاز، عن عدة شهداء واصابات، أطفال يودعون الفصل الدراسيّ، لا لانتهاءه، بل لانتهاء حياتهم، وذلك كان مباغتة أيضاً.

هنا كل الأشياء تأتي مباغتة، مصادفة، مفاجأة، أي يكن، فهي لم تكن بالبال، أن تستيقظ على طفلة يُتمت بفعل الاحتلال، أو عائلة نُسفت تحت مسمى “بنك الأهداف” لدى الاحتلال.

كل هذا هذيان، نحن نهذي باسم الحياة في هذه البلاد، نهذي بالعدوان، ونفقد ساعات نومنا، نهذي بألم صار في حياتنا عادي، ومن غير العادي أن نعيش أحرارًا.

الساعة الثانية، تصطحب معها أرواح، والكثير من التوتر، وأرضٌ لم تطيب بعد، تأخذ معها دموعنا، وتزفنا إلى دعائنا المستمر بأن لا نمسي فاقدين ولا مفقودين.

ولأن حياتنا عادية جداً، نبدأ بالتفكير بأهم الأوراق الثبوتية، أهم الأشياء، وأهم الأجساد، أن نلتم كضمة بقدونس ونجلس في الصالون، أمام ذات التلفاز، بانتظار “أم حامد” أن تُلقي خطابًا تُطمئننا بأنها حية وهي بالأردن، أو ربما مصر.

وأنا هنا أقصد الوساطة التي لابد منها بعد كل فاجعة يرتكبها الاحتلال، هكذا هو العدوان، يبدأه الاحتلال، وينتهي بألحاحه على وساطة فوق قبور الشهداء.

زر الذهاب إلى الأعلى