ملفات اليمامة

الدعاية الصهيونية بين تهديد الإعلام الجديد والوعي الغربي: خضر جندية

الدعاية الصهيونية بين تهديد الإعلام الجديد والوعي الغربي

بقلم: خضر جندية

أحد الأعمدة الأولى لبناء الدولة المزعومة كانت ولا زالت الدعاية بكل أنواعها وأساليبها، فكان اليهود الصهاينة المتحكمين بالأموال يتربعون على عروش الوسائل الإعلامية العالمية في أوروبا وأميركا، فبدأت حركتها الدعائية بدفع اليهود من جميع أنحاء العالم إلى الهجرة إلى فلسطين “أرض الميعاد”.

اقتحمت العصابات الصهيونية الأرض الفلسطينية وقتلت ودمرت وهجرت وارتكبت أبشع المجازر مستغلةً بذلك غياب الإعلام المحلي والعربي، في حين تبث للعالم الغربي عبر دعايتها مشاهد المقاومة الشعبية أو الجيوش العربية وتصورها كتهديد حقيقي لمشروع الدولة الصهيونية.

كيف كسبت الأحداث في هذه الفترة المعركة الإعلامية:

الأحداث الأخيرة في القدس والمسجد الأقصى أوصلت الصورة الحقيقية للدولة المزعومة القائمة على التهجير والقتل والهدم أمام كاميرات العالم وكاميرات الهواتف المحمولة التي أحدثت فارقًا نوعيًا في رواية الأحداث بعد أن تفرد الصهاينة بامتلاكهم وسائل الإعلام في رواية الأحداث بعكس حقيقتها وتشويهها.

هذا التغير النوعي في إمكانية رواية الحدث بسهولة وسرعة ونقل الصورة الحقيقية عبر الشبكات الاجتماعية أحدث صدمة في العالم الغربي الذي تبين وكشف له كذب الدعاية الصهيونية على مدار السنوات الطويلة وتخوفًا مرعبًا للصهاينة.

تفاعل الرأي العام العالمي مع ما يجري في القدس والأقصى، وأيضًا مع العدوان غزة، لأن الصورة الحقيقية وصلت، فالحركة الصهيونية ليس بمقدورها السيطرة والتحكم بما يصل للمشاهد الغربي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقلب الحقيقة.

سبب التغير في حجم ونوع التأييد والدعم في هذه المرحلة:

خلال الفترة الأخيرة حدثت متغيرات عدة على مستوى وسائل الإعلام بظهور الإعلام الاجتماعي، وحديثا بيع شركات الإنتاج العالمية التي كان يمتلكها الصهاينة؛ ما جعل تهديدهم للنجوم العالميين بطمس شخصياتهم وحرمانهم من التمثيل في أدوار بارزة إذا أبدوا معارضة لإسرائيل أو أظهروا تأييدًا أو تعاطفًا مع الفلسطينيين، هذا التهديد قل لذلك رأينا نجومًا عالميين يدعمون الفلسطينيين ويدينون الاحتلال الصهيوني وأفعاله الإجرامية ويمتد ذلك إلى نجوم القطاعات الفنية من موضة ورياضة ورسم وإعلام وكتاب وغيره من الساحات الفنية.

كيف نستفيد ونستثمر هذا الدعم والتغير الجوهري في الرأي العام العالمي:

نحن الفلسطينيون والعرب عمومًا علينا أن لا نقف عند حدود الأحداث الجارية في القدس بل لا بد من استثمار هذا التأييد في إيصال رسالتنا وروايتنا بكل أشكال الفنون إلى العالم بصناعة الأفلام الفلسطينية التي تخدم وجودنا وتدعم نظرتنا وتكشف جوهر هذا الاحتلال الهمجي الذي امتلك أدوات الإعلام لسنوات طويلة وشوه صورتنا كعرب عمومًا، علينا تصدير أغنيتنا وتراثنا وشعرنا وموسيقانا ومسرحنا وقصتنا وكلمتنا…

على صناع القرار دعم الحركة الفنية وتصدير المشهد المحلي والدولي بالكوادر الفنية والسياسية الحكيمة وتنظيم العروض الفنية في عواصم العالم كافة، من خلال تفعيل دور السفراء والجالية الفلسطينية والعربية في هذه العواصم ومخاطبة العالم الغربي بخطاب السلام.

خطاب السلام؟

صحيح، خطاب السلام نحمله أينما كنا وأيا كان فننا ورسالتنا، لماذا؟، كما ذكرنا سابقا قامت الدولة المزعومة على أساس الدعاية التي تبنت تصوير الكيان الصهيوني بأنه شعب مسالم عائد إلى “أرض أجداده” الخالية من السكان، ولكن “العرب البدائيين” لا يريدون لهم العيش بسلام، فعلينا أولًا ودائمًا المحاربة في هذا الخندق من دحض وتكذيب الرواية والدعاية الصهيونية وإيصال صوتنا الفلسطيني إلى العالم عبر جذورنا الممتدة في تفاصيل وتاريخ وتراث الأرض والأجداد.

هذا لا يعني إلغاء محاربة هذا المحتل أينما وجد في أرضنا وفي كل وقت، بل هذا واجب قبل كونه حق، ولكن لماذا نُضيّع تضحياتنا وماكنة الدعاية الصهيونية تستغل ما ننشره من قوة وعتاد لصالحها، وفي المقابل تشوه الرواية وتقلب الحقائق، لذلك علينا التخفيف من نشر العتاد وتضخيم سلاحنا البسيط مقارنة بالترسانة العسكرية والتقنية الصهيونية –ليس تقليلا من ما نملك- بل إدارة ذكية للحرب الإعلامية، وإفلاس الماكنة الدعائية الصهيونية من المواد الصادرة من إعلامنا وأحزابنا.

نؤكد أن الاحتلال قام على إبادتنا وذبحنا وتهجيرنا وقهرنا وفي المقابل كان يُصدّر للعالم محاربتنا له ويخفي أي صورة أو خبر يتحدث عن الحقيقة وعن فظائع العصابات الصهيونية، وهذه السياسة الدعائية قائمة إلى اليوم لأنها الداعم الأول لوجوده.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى