وضع النقاط على حروف ابن رشد

وضع النقاط على حروف ابن رشد
بقلم: يسلم ولد محمدو عبدي/ موريتانيا
يقول الفيلسوف ابن رشد:
“اذا رأيت الخطيب يحث الفقراء على الزهد دون الحديث عن سارقين قوتهم، فأعلم بأنه لص بملابس واعظ”. يعتبر التشخيص هو الحل المثالي للسيطرة على الاختلالات والمساعدة في علاجها، والسمة الوحيدة التي من خلالها نستطيع أن نقضي على الأمراض الاجتماعية والسياسية..، والساكت عن الحقيقة كما يقول: علي ابن أبي طالب رضي الله عنه “شيطان أخرس “. إن المراوغة في الحقيقة والحوم حولها سِمة النفاق.
مما يعني بعبارة أخرى أن لامجال في تغيِيب الحقائق الاجتماعية، بل يجب وضع النقاط على الحروف إذا كنا نريد أن نخرج من الفخ ( لشيطان الأخرس) وهذا يحتم علينا أن نكون دقيقين في وصفنا للواقع الذي نعيشه غير مبالين بعواقب الأشياء ننتظر الأجر في قول الحقيقة ولاننتظر العقاب بكتمانها.
إن دخول عالم السياسة في الوطن العربي والتمعّن فيه هو طريقُ مظلم يصعبُ الخروج منهُ، والسياسة هنا أعني بها الخضوع المفرط للحكام المفسدين الذين يعيشونَ على ظُلم المجتمع وقهرهِ كأنهم مصابون بالماسوشية يتلذذون بالمجتمع المقهور، فالمجتمع بالنسبة لهم هو عبارة عن ركيزة يَعلَوْنَ بها على سلم هرم الغنى بالمليارات من الدول الغربية والخضوع لهم..
لذلك صار الغنى يرتبط ارتباطا وثيقا بأصحاب النفوذ (رجال الدولة ) ولايعني هذا أن رجال الدولة كلهم كذلك، لا لكن تُمثل النسبة غالبيتهم للأسف.
وهذا مايفتح الباب أمام الاقتصادي والقانوني والإجتماعي وحتى” رجل الدين” للانخراط في المنظومة السياسية من أجل سدّ حاجياته والتربّع على عرش الرغبات، بل والقضاء على مايسمى عند فرويد بالرغبات المكبوتة. في عالمنا العربي حين تزول الرغبة في قول الحقيقة تبدأ السياسة في الظهور تتحكم في مجريات المجتمع توجهه أينما تريد ومتى تريد.. ويساندها في هذه القضية الإعلام المنحاز للدولة ليظهر مايُسمى بالبروبوغاندا ( أكذب ثم أكذب ثم أكذب حتى يصدّقك الناس) أو كما يعرفها ﺟﻮﺯﻳﻒ ﻏﻮﺑﻠﺰ.
ويمكننا أن اقوله هنا أن الإعلام آلية من آليات الدولة ( الحكومة) تصرف به أذهان المجتمع عن الحقائق الاجتماعية والاقتصادية والقانونية وحتى الدينية، ليعيش المجتمع في جو من الفوضوية يبحث عن أبسط مايسُد به حاجياته، وبذلك تغيب عنه صورة الحقيقة ولايبحث عنها بل يركز ويبحث عن لُقمة العيش الكريمة فقط، وذلك هو الهدف الذي يبحث عن السياسيون للأسف.
ما أريد أن أقوله هو أن قول الحقيقة يقتضي التركيز على ثنائية الظالم والمظلوم على حد سواء (الدولة والمجتمع)، لردع الظالم عن ظلمه وحتى رفع الظلم عن المظلوم لأن عدم التركيز على هذه الثنائية يعني وضع النقاط على الحروف وهذا ما نريد أن نتوصل إليه.