مجتمع

أنتِ تعلمين الطريق إلى الوطن يا غزة: أحمد أبو مخو ونورة اسماعيل

بقلم: أحمد أبو مخو ونورة اسماعيل

ضربٌ من جنون من یخبرك أن الزمن یمر وأن كل شيء كُسر بالماضي یمكن إصلاحه.. وأن الأجداد یموتون والأباء منشغلون والأطفال یكفیهم أنهم یلعبون، الموت لحظة ولكّنه عبرة الأزمان؛ وفاقد وطنِه ككرة ثلجٍ یكبر كل یوم.
نكبر حتى نصبح محصنين ضد النسيان، لا نمرض ولا نصاب بالزهايمر، ثلاثة وسبعون عاماً منذ النكبة، ومازلنا نحمل مفاتيح العودة إلى بيوتنا المدمرة، يهدينا أجدادنا وصايا محصنة ضد الزمن، بحر حيفا، سور عكا، بيارات البرتقال في يافا، الشهداء، هذا الدم المختلط في جذور الأرض يذكرنا دائماً بمن رحلوا، هذا الدم الثائر يعرف طريقه، ينير دربنا حتى نصل الى القدس.
صور الأنقاض ودماء من رحلوا لأجل من يبقى.. أرواح الأطفال البريئة، عظام النساء الهشة.. وصرخات المكلومين العزل القابعين خلف جدران المعدن، كل هذه ما كانت عبثاً ولا يمكن لها أن تنطوي في مقبرة النسيان.. كل جهود الشهداء لتبقينا أحياء لم تكن يوماً سُدى ولن تذهب يوماً سُدى..
ومع هذا يظل للموت رهبة.. فانتشار الموت بهذه الطريقة الفاجعة لا يغير من حقيقته وألمه، لكنه يصبح طرياً وناعماً كذلك حين يقترب من الشجاع، الأطراف المبتورة، حفاظات الأطفال، ودماء النساء تصبح زهوراً تحت الأنقاض.
مولانا الله، إنهم مرعوبون من ضيق المساحة وكثافة السكان، يرتجفون من صوت الأطفال والمقعدين و ذوي الإحتياجات.
والأطفال الأحياء، أول ضحايا الحرب، يرعبهم طفلٌ حي يحمل حلماً، تخيل نفسك طفلاً ناجياً من قصفٍ صاروخٍ أباد عائلتك بأكملها.. تخيل نفسك تحت الحطام وفي فمك كومة تراب وجسدك مليٌ بالجروح وقلبك مجروحٌ أكثر! تخيل نفسك في ميدان الحرب عاجزاً تماماً في رأسك الف سؤال دون اجابة، تخيل أن آلة الحرب نسفت كل ذكرياتك واحلامك!
أنتِ تعلمين الطريق إلى الوطن يا غزة..
وهو أن يحدث هذا كله..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى