ملفات اليمامة

أهمية السماع في تحصيل اللغة 

أهمية السماع في تحصيل اللغة

خاص ـ صحيفة اليمامة الجديدة

للسماع أهمية في تحصيل ملكة أي لغة فقد وهب الله الإنسان جهازاً نطقياً قادراً على التكيف؛ ليتكلم صاحبه بأي لغة تسمعها أذنه، وعن طريق السماع يكتسب الإنسان قدرته على الكلام فمثلًا: الطفل يتكلم بما اعتاد عليه سمعه، يحاكي ما سمعه ليتكلم بما سمع الآخرين يتكلمون به، وإننا نجد هذا أيضاً في حياتنا اليومية حيث نقابل الكثير من الأشخاص الذين لا يعرفون القراءة والكتابة ولكنهم يجيدون الكلام العامي دون تعلم، ونكاد لا نجدهم يخطئون في كلامهم صوتاً وصرفاً ونحواً ودلالة، وكما هو الحال بمجتمعنا الفلسطيني، فالعامل البسيط في تحصيله العلمي نراه يتحدث اللغة العبرية كما يتحدث أهلها، وذلك لأنه عايش أهلها وسمع اللغة من أفواه أصحابها، وعلى جانب آخر نجد من تعلم اللغة العربية الفصحى وعند التكلم بها يخطئ وذلك لعدم استعماله لها بشكل يومي ودائم، وكذا الأمر في تعلمنا للغات الأجنبية أيا كان تفوقنا في دراستها سيبقى ذلك دون جدوى ولن نكون بمستوى أهلها ما لم نختلط بأهل هذه اللغة ونعايشهم سماعاً، لذلك في وقتنا الحالي ينصح معلمو اللغات الأجنبية طلابهم بالتعرض للغة بشكل مستمر ودائم عن طريق الأفلام وما تتيحه محركات البحث والمنصات الصوتية باللغة التي يتعلموها، وإننا نجد في الآونة الأخيرة انتشار التطبيقات التي تتيح لك التحدث لأشخاص من أهل اللغة الأجنبية التي تتعلمها وفي جميع الأوقات.

لذلك يتبين لنا مدى أهمية السماع في إتقان واكتساب اللغة ومما يدلل على ذلك من تطبيق عملي في العصر الجاهلي كان العرب يرسلون أبنائهم منذ الصغر إلى البادية موطن الفصاحة والفراسة في اعتقادهم الراسخ، وكما وجدنا في قصة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وتربيته على يد حليمة السعدية في مضارب بني سعد، وقد أشار – صلى الله عليه وسلم- إلى أثر هذه النشأة في فصاحته فقال: “أنا أفصح العرب بيد أني من قريش، ونشأت في بني سعد”.

فاللغة ملك السماع وما تعتاد الأذن على سماعها هي لغة سامعها، أيا كان أصله العرقي، فاللغة لا تورث إلا بقدر سماع الوراث من الموروث، ولو كانت اللغة وراثة لبقينا على لغة أسلافنا، ولما تكلم من يولد في غير وطنه لغة البلد الذي ربي فيه وليداً.

وارتباط اللغة بالسماع نتبينه فيمن ابتلوا بالصم، أو نقص في السمع فكانوا بكما أو مرضى كلام لا يعون إلا القليل، فالسمع وسيلة امتلاك الإنسان اللغة، وما زال الإنسان يسعى فهو يتعلم، ونجد المثل الحي في رسول الله الذي حفظ القرآن سماعاً وأسمعه للناس وهو أمي، وقد أشار القرآن لأهمية السمع للإنسان (ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون) ، ( إنما يستجيب الذين يسمعون).. والأمثلة كثيرة.

ونجد علماء التجويد يعلمون النشء التلاوة عن طريق السماع، حيث الشيخ يقرأ وتلامذته يستمعون إليه أو يرددون قراءته.

زر الذهاب إلى الأعلى