مقالات

 الخنساء بين عصرين

الخنساء بين عصرين

بقلم: عبد القادر رالة 

    من أجمل السير وأروع القصص التي يرويها التاريخ عن تحول الإنسان وتأثير تلك القيم التي يؤمن بها فيه ؛ سيرة الخنساء ، الشاعرة العربية المخضرمة ، وحياتها مع فقد الأحبة ، وكيف استطاعت أن تتعامل مع ذلك الفقد وهي المرأة الرقيقة ، ذات العاطفة الجياشة والقلب الحنون ..

المرأة لما تفقد حبيباً تبكي، تولول, تصرخ وتلطم.. وهي اشتهرت في تاريخنا الأدبي برثائها لأخويها صخر ومعاوية اللذين قُتلا في  أحد حروب العرب القبلية  في العصر الجاهلي ، وقد كان لأخيها صخر النصيب الأوفر من أحزانها ومراثيها ، تلك المراثي التي جعلتْ اغلب النقاد يجعلون منها رائدة هذا النوع من الشعر وتفوقت على جميع الشعراء ، وفي جميع العصور ولا يدانيها إلا المهلهل الزير سالم في رثاءه لأخيه كليب المغدور!

وجاء الإسلام الحنيف بقيمه الجديدة ،  قيما جعلت من امرأة تتقبل فقد أولادها الأربع ، فلذات أكبادها بقلب مؤمن منشرح ، والحزن على الأحباء لم يمنعه الإسلام لكن الخنساء ما حزنت بل فرحت أن يستشهد أولادها في سبيل الله ، ومن أجل الإسلام في أهم معاركه الكبرى ؛ معركة القادسية .. المعركة التي كانت نقلة هامة في تاريخ الفتوحات الإسلامية نحو الشرق ..

وهي قبل استشهادهم خرجت معهم تحرضهم على الحرب وتدفعهم للاستشهاد وتمسح عن نفوسهم التردد والقلق عليها، ولم يجزعها أبدا أن يُستشهدوا أمامها وإنما همها أن تنتصر الدعوة الإسلامية…

 

زر الذهاب إلى الأعلى