ثقافة

الناقد عمر عتيق يكتب: هل اللغة مكتسبة أم خلق وإبداع

هل اللغة مكتسبة أم خلق وإبداع؟

بقلم: أ.د. عمر عتيق/ ناقد ومفكر 

ومتى تكون اللغة اكتسابا؟، ومتى تكون خلقا وإبداعا؟

ليس من اليسير قبول ما اتفق عليه علماء اللغة أن الإنسان يكتسب اللغة من أسرته ومن محيطه الاجتماعي قبولا مطلقا؛ لأن اللغة في مرحلة الطفولة تختلف عن لغة الإنسان في مراحل النضوج العقلي ، فالطفل يحتاج إلى تعلم آلية النطق ومعرفة دلالة الألفاظ على المسميات، ولكن مرحلة النضوج لا تقتضي هذا الأمر. وتسعفنا نظرية التوليد والتحويل التي انبثقت عنها الكفاية والأداء عند تشومسكي في تعليل رفض قبول اكتساب اللغة اكتسابا مطلقا، إذ يرى تشومسكي أن القدرات العقلية والفسيولوجية لدى الإنسان قادرة على توليد اللغة وخلقها والتعبير عن الأفكار دون الحاجة إلى الاكتساب والتعلم من الآخرين، فاللغة عند تشومسكي غير مكتسبة ولا موروثة. وأطلق تشومسكي على القدرات الفسيولوجية والعقلية الباطنية الخلاقة مصطلح التوليد، وعلى التعبير عن الفكر ( كتابة أو شفويا) مصطلح التحويل الذي يمّكن المتكلم من التعبير عن أفكاره بطرائق تركيبية كثيرة، وسمى المصطلح الأولى ( البنية العميقة) ، والمصطلح الثاني ( البنية السطحية) ، والبنية العميقة هي الكفاية، والبنية السطحية هي الأداء. ويمكن تعزيز نظرية تشومسكي بالتراكيب اللغوية المبتكرة التي يعبر بها شخص ما دون أن يسمع التراكيب نفسها من غيره، سألني صديق حينما التقيته بعد غياب طويل : ( أشبت؟)، أجبت: (هذا زهر الانتظار)، لم أفكر مسبقا بهذا التركيب ولم يخطر في ذهني من قبل ولم أسمعه من أحد.

ومن المرجح أن تشكيل صورة فنية مبتكرة لشاعر دليل ثان على القدرة الخلاقة المبتكرة في التعبير . وكذلك الفكر الخلاق المبتكر الذي يضيف للمعرفة الإنسانية رؤى جديدة ، فالفكر المبتكر لا ينفصل عن اللغة المبتكرة. عطفا على الرؤية السابقة فإن الإنسان قادر على ابتكار اللغة والفكر دون الحاجة إلى الإفادة من الآخرين.

زر الذهاب إلى الأعلى