نصوص مختارة

حنظلة… شعر المتوكل طه

حنظلة!

بقلم: المتوكل طه/ شاعر فلسطيني

صلّى على دمِكِ الوردي نوّارُ
أمّ غيَّرَتْ طَبْعَها في حبِّكَ النارُ
أم البلادُ، وهل أبقوا لنا بلداً
وكلّهم في مزادِ البَيْعِ ثوّارُ؟
أم الشّهيدُ وقدَ ضاقت شواهدُه
فأكملَ الليلَ بعد الموتِ سُمّارُ !
أم البنادقُ والغيماتُ قادحةٌ ..
فكيف تَعْطَشُ في الأمطار أمطارُ
أم الأغاني إذا هاجت وحنَّ لها
من المنافي غريبٌ همُّه الدارُ
وكان قد جعل الحيطانَ تذكرةً
لبلدةٍ.. غابَ عن جيرانها الجارُ
وعلّق الصورةَ الأغلى، وكم شهدت
لصاحب الوجه بلداتٌ وإيثارُ
هذا أبوك كأن الرّمشَ بوصلةٌ
يرنو لحيفا وعينُ الصقر إبحارُ
وطاف بالفرس السمراء أوديةً
وأيقظ التلَّ، والبارودُ زنّارُ
وحطّ رَعْداً، وغصنُ البرق في يده
حتى تصادى له قَصْفٌ وطيّارُ
فَشَيّعوهُ كأنَّ الشمسَ قد حُمِلت
إلى المغيبِ وقلبُ الطين موّارُ
ولا عزاء سوى أن النهار إذا
تنفّسَ الفجرُ فالإصباحُ قيثارُ
***
أَرَدْتَ أن يستفيقَ النائمون فلا
ظلّوا نياماً ولا قاموا ولا داروا
كأنّهم في كهوف الصمتِ قد رُكِنوا
وأُسْدِلت حولَهم في البُعْدِ أستارُ
فكنتَ وَحْدكَ في عشواء غافلةٍ
في خبْطِ ضوضائهم والوَهْمُ ديّارُ
أنتَ الضميرُ الذي اغتالوه فارتبكت
على فمِ الذُّلّ أشباحٌ وأخبارُ
فارجِعْ إلينا صراخَ القهر ثانيةً
وافتح قميصَكَ فالتاريخُ دوّارُ
سيقتلونك رَسْماً حارقاً ويداً
واسْماً وحِبراً، وفي الأبوابِ أشرارُ

***
أَدَرْتَ وجْهَك يا ناجي وما انتبَهت
أُنثى الثعالبِ أنَّ الظَهْرَ إظْهارُ
وأنَّ بنطالَكَ المرتوقَ قد عرفت
خيوطُه الطُهْرَ فالماضون أطْهارُ
وشوكُ رأسكِ هالاتُ النجوم إذا
كانت، فوجهُكَ في الّليلاتِ أنوارُ
وأنتَ والشهداء الخالدون ومَنْ
ظلّوا على الدرب .. للمبعوثِ أنصارُ
وأنتَ والقابعون الثائرون على
قيْدِ السجون بوجه الريحِ صُبّارُ
وأنتَ والمُثخَنون الصابرون إلى
أن يبرأ الجرحُ، للأقواس أزهارُ
وأنتَ والناسُ في كل البلاد هنا
وفي المنافي إلى الآتين أقْدارُ
سترجعون إلى حنّاء زفَّتِنا
وموجُ عودتنا للدارِ هدّارُ
***
قد كذَّبُوهُ وأصنامُ القَبائلِ في
ساحِ البيوتِ وحَرْفُ القومِ إنكارُ
وصالحوا الأشرمَ الغازي إذا قصدت
أفيالُه الهدمَ، والخوّان خوّارُ
وقدّموا لِفَقيهِ الظُلْمِ طاعتَهم
لأنّه الليلُ للعميانِ أعْذارُ
وطأطأوا قامةَ الخُسرانِ إذ نطقتْ
مرآةُ كسرى كأنَّ النُطْقَ أمّارُ
خانوا الدماءَ، وضاعَ الأمرُ من يِدِهم
فَخَابَ مَنْ خَانَ، فَلْيَهْنَأ به العارُ
ألقوا الأماناتِ أو باعوا مذاهبَها
وغادروا عَهْدَ مَنْ يعلو به الغارُ

زر الذهاب إلى الأعلى