نصوص

سيمفونية الحزن المهجور 

سيمفونية الحزن المهجور

بقلم: محمد حاتم دردونة

هذه أحد النصوص الخالية من الحياة والحب والسلام.

حسنًا، دعونا نجول في أزقة المدينة والمخيمات.

ماذا ترى؟!

قصة ملعونة، عجز الحبر كتاباتها وعجزت الكتب قصّتها.

غزة، مدينة لا تكتب بحروف وعبارات، بل هي الآلام والصرخات والآهات، هنا ترى واقعًا ما يصنعه صناع عالم الخيال المرير في سيمفونية الحزن المهجور.

غزة مدينة لا تقع في لوس أنجلوس ولا في باريس، هي مدينة في دولة مغتصبة من كيان وهمي يدعو نفسه شعب السلام والإنسانية!..

بل لأكون دقيقًا أكثر، سأقول: فلسطين فتاة مغتصبة باجماع أشقائها المتخاذلين.

هنا حيث مقبرة، يصدر منها أنين الأحياء! هنا حيث الجلد على خشبة المسرح. هنا تتراقص الذكريات على إيقاع الآلام. هنا تمزقت أشرعتنا وكسرت سفننا. هل سنغرق؟ أكثر سؤال يرواد الجميع في مدينة الحرب، الذي لطالما تمنينا أن تكون مدينة الحرب بدون راء.

لا أحمل معي مومياء حتى تصيبني لعنة البلاد.

بحق السماء، لما نعاقب وتحتجز جثثنا في تابوت الحزن في ليالي بعلو الضباب، بين الصراخ والآهات. تتألق الشياطين وتنفجر في الأفق، تتعالى قهقهاتها ساخرة من ملاك قال قتلت، وقلب مقتلع في الركن البعيد يسبح في الواقع الأسود إلى الله!

من رحم الحزن أكتب سمفونيتي بروح خاوية، لا وحي ولا تلقين يلملم صرخاتي. هنا نمشي على سكين حادة للموت، حدتها كحدة الصراط المستقيم. هنا أطفال يتملصون من الحزن اللحوح على الأرجوحة.

ألعب، لا ألعب، أبتسم، لا أبتسم.

أبكي، لا أبكي، أستسلم، لا أستسلم.

ما الدافع؟

العشيرة أم أحلامك المغتصبة؟

نتقوقع في صندوق الحزن المهجور، لكنه صندوق من طين هش يبني العنكبوت فيه كيانًا ليغتصبه، نرى أحلامنا تتطاير للسماء حيث خالقها.

أينما أنت عما يفعلون، أيها الرب العظيم؟!

قد أهلكونا وتلونت أرواحنا وسلخت جلودنا وأصبحنا مسلوبين القلب والقالب، طمست ملامحنا وأصبحنا كرسمة على تراب الصحراء تبعثرنا نسمة ريح حقيرة.

في هذه البلاد التي لطالما رجونا أن تجمعنا صلوات الحب…

بداخلنا المشاعر الهزلية تنسج في الخيال وأحلام ومحادثات كانت من المفترض أن تكون واقعًا حقيقيًا لولا ذاك العنكبوت الذي يبني بيته الواهن الهش في مدينة الحزن.

أنا هنا حيث المعابد مغلقة وجبال من صلوات الغيب لأجساد تلاشت وتحللت.

أنا وهم هنا حيث الضحكة للهوامش الفارغة قبل مجيء رصاصة تستعد لتخرج من الفوهه لتنطلق باتجاه الجمجمة لتنهي معها أحلام وضحكات وقهقهات وحب ..

أنا هنا أتسائل عن ما الذي يكمن في الموت وأي ضرورة تلك ؟!

سأقولها دائما هنا نحن بلاد تتكلم كل اللغات وتحمل أطفالا يتلاشون دون خطيئة وجميلات يقحمن في التراب دون ذنب، وشباب عاشقين تنتهي قصة أحلامهم مع رصاصة أطلقت من بندقية الشر!

رأسي مليئة بالأفكار السرمدية اللامتناهية.

وسط كل هذا وذاك ها أنا أرسم، ومن حولي يعيش بداخل بيت الطين الهش، الابتسامة المزيفة يملؤها آلام وآهات وصرخات تنمو يوما بعد يوم في قلوبنا بلا توقف .

حسنا سأجوب شوارع الألم نبحث عن شيء من رفات القهقهات ، سأذهب للمشي حافيا على شوارع مدينتي المهجورة لأعزف سيمفونية الحزن خاصتي فوق الأشواك وقطع الزجاج وأشلاء العاشقين في وطني سأعزف سيمفونيتي فوق رفات الجميلات الذي أحرقهن لهيب الغدر في غاراته ،

لا تشفقوا علي أبدا ، فذاك لا يؤلمني أبدا

أنا اعتدت المشي والنظر ل

حزن مدينتي ..

“لقد أصبحت لعبتي المفضلة”.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى