مجتمع

شفيق التلولي يكتب: متى تتحقق الوحدة الوطنية

متى تتحقق الوحدة الوطنية؟

بقلم: شفيق التلولي/ كاتب وباحث سياسي

انتهت جولة أخرى من جولات الحوار الوطني بعدما حط قطارها من جديد في الجزائر التي آثرت إلا أن تجمع شتات الفرقاء الفلسطينيين في مؤتمر لم شمل الفصائل على كلمة سواء ووفرت كل السبل لإنجاح هذه الجولة، حيث تمخض عنه البيان الختامي الذي لم يعجب السواد الأعظم من الشعب الفلسطيني بما تضمن من نتائج لم ترتق لمستوى تطلعاتهم وآمالهم.
وحتى تتحقق الوحدة الوطنية يجب العودة إلى أصل الأشياء التي ترتب عنها ما أنتجه “الانقلاب” وصار يسمى انقساما؛ فالعودة إلى تأصيل المشكلة يسهم في الحل إذا ما اعترفت الجهة التي نفذت ذلك الانقلاب بأنه لم يكن انقلابا على النظام السياسي فحسب، بل كان انقلابا على المنظومة الوطنية برمتها، وإن تجاوزنا هذا الخلاف حول أصل الأشياء ببن انقلاب وانقسام فلا يمكن أن نفلت من محددات تشكل أساسا لتحقيق الوحدة.
إذ لا يمكن أن تتحقق الوحدة الوطنية إلا عندما تدرك الفصائل الفلسطينية أن “الانقلاب” الذي أحدث “الانقسام” أو سمه ماشئت لم يكن بين فصيلين إنما بين كل من المكون الفلسطيني؛ منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية وبين فصيل بعينه بغض النظر عن تداعياته بما فيها تلك الفصائل وأن تسقط مقولة “طرفي الانقسام” في إشارة لحركتي فتح وحماس التي كرستها جولات تحقيق الوحدة الوطنية وألا تقوم الفصائل بدور الوسيط أو الشعور بعدم أهمية دورها.
تتحقق الوحدة الوطنية عندما يستدرك الطرف المعطل لها محددات الحوار الوطني الذي وقع بسببه “الانقلاب” والشقاق المتمثل في الثوابت القانونية للنظام الفلسطيني وإطاره الجامع منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني والاعتراف بها وبكل ما أنتج الفعل الفلسطيني عبر مراحل ومحطات النضال الوطني بما في ذلك قرارات الشرعية الدولية بعدما باتت المنظمة والسلطة جزءا من المنظومة الدولية التي اعتمدت تلك القرارات، وبالتالي يصبح ما تقدمه أية حكومة فلسطينبة برنامجا سياسيا واحدا متوافقا مع تلك المنظومة ومقرراتها.
تتحقق الوحدة الوطنية عندما نتحرر من الارتهان والاختطاف والأجندات الإقليمية والدولية وغير ذلك من حسابات فئوية وشخصية تقوم على الولاء والتبعية، وعلى الاقتسام والمحاصصة، وإطلاق يد الشعب لتقرير مصيره بالعودة له كمصدر للتشريع.
تتحقق الوحدة الوطنية عندما تطلق يد أية حكومة فلسطينية تتشكل بالعمل في كل محافظات الوطن بخاصة المحافظات الجنوبية دون وضع أية اشتراطات ومشارط أما عملها ووضع الأجهزة التنفيذية كلها تحت إمرتها بما في ذلك كل القوى المسلحة.
تتحقق الوحدة الوطنية عندما تجرى الانتخابات المحلية التي تعطلت مرارا في المحافظات الجنوبية كذلك انتخابات المكونات الفلسطينية اتحادات ونقابات ومجالس طلبة في الجامعات دون سطوة وضمان حمايتها تمهيدا لانتخابات تشريعية في كل المحافظات الفلسطينية بما فيها القدس ومن ثم انتخابات رئاسية إلى أن يصار لانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني ما أمكن ذلك.
وتتحقق الوحدة الوطنية عندما تطلق الحريات فعلا وليس قولا ويأخذ الشعب زمام المبادرة ويحدد موقفه من الطرف المعطل للوحدة على أرضية تأصيل المشكلة كما ذكرت في البداية وعدم الركون على ذات الأسطوانة، وذاك الشعار “طرفي الانقسام”.
أدرك أن المزاج الشعبي العام ساخطا على مخرجات مؤتمر لم الشمل الفلسطيني بالجزائر التي يحبها ويقدرها الكل الفلسطيني، ولا أتوقع أن أحدا من أبناء الشعب الفلسطيني ضد تحقيق الوحدة الوطنية، لكن وجب أن تنتقل من الشعار إلى الممارسة وفق محددات الحوار وثوابته وأصوله ومنطلقاته حتى تتحقق الوحدة المنشودة.

زر الذهاب إلى الأعلى