مجتمع

شيرين أبو عاقلة.. شهيدة الصحافة 

شيرين أبو عاقلة.. شهيدة الصحافة

صفاء حميد- خاص اليمامة الجديدة

سنوات كثيرة تفصل بيني وبين المرة الأولى التي سمعت فيها هذا الاسم عبر شاشة التلفاز، بصوت هادىء واثق رخيم، تطلّ علينا بعد تقرير يصف الأحداث وينعجن فيها حدّ الالتصاق والتماهي، شيرين أبو عاقلة- الجزيرة، فلسطين.

صوتٌ لفلسطين، صوتٌ أنثويٌّ منبثق من فلسطين نفسها، من حواري القدس ومخيم جنين وساحات رام الله، من كل بيت وحارة.

انطفأ اليوم الصوت، أطفأته يدٌ تقبض على الحناجر لإنها تخاف الكلمة والصورة، تخاف البث المباشر والتصوير المباشر والصوت المباشر، والنظرة المباشرة.

قبل واحد وخمسين عاماً نبتت شيرين في رحم فلسطين، في زمن امتد بين النكبة والنكسة، زمن واقع بين انكسارين، نبتت وردة ذات أشواك وقررت ببساطة أن تنغرس في الأرض.

اليوم وبإصرار البنادق الموجّهة، نزعت الوردة من عمق التربة التي انغرست فيها وقتاً طويلاً.

وبينما تتشدق القوانين والمواثيق الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان ومنشورات الأمم المتحدة، بحماية الحقوق والحفاظ على الأرواح والحريات، وبحماية حق الصحفيين في ممارسة مهنتهم دون السماح بالتعرض لهم بالأذى الجسدي أو المنع، بل وباعتبار التعرض لهم جريمة حرب كما ورد في اتفاقية روما عام 1998 نصّاً:

“إن الجرائم الموجهة ضد الصحفيين تعد جرائم حرب لأنها تستهدف المدنيين ويخضع مرتكبوها لولاية المحكمة الجنائية الدولية المؤسسة”.

كما أكدّت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2013، على ضرورة توفير الحماية للصحفيين لتحقيق سلامتهم وتضمن القرار إعلان يوم 2- تشرين الثاني يوماً دولياً لأنهاء افلات المجرمين من العقاب عن جرائمهم المرتكبة ضد الصحفيين.

نقول بينما تعلن الاتفاقيات هذا فإنّ الإيذاء المتعمد للصحفيين لا يعدُّ أمراً جديدة على الاحتلال الاسرائيليّ، فقد سجّلت حالات كثيرة، شملت اعتداءات بالضرب والاعتقال والمنع من أداء الواجب الصحفيّ.

والأمثلة كثيرة تشمل حالات المنع من التغطية الصحفية في باحات المسجد الأقصى، والتوجه بالاعتداء بالضرب أو بالرصاص المطاطيّ تجاه الصحفيين الذين يقومون بواجبهم في نقل صورة الحدث من ساحته، كما تشمل ابترهيب والتهديد والمضايقة، ومصادرة الأجهزة والآلات والوسائل التي تمكن من تأدية الواجب الإعلامي، كما تشمل الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي، وبالطبع لا نغفل عن تدمير المباني والمكاتب الصحقية كما حصل في الحرب الأخيرة على قطاع غزة.

استشهاد شيرين أبو عاقلة المراسلة الصحفية في قناة الجزيرة الفضائية ليس الحالة الأولى ولن تكون الحالة الأخيرة طالما تكيل المواثيق الدولية بمكيالين، وطالما يمكن للاحتلال أن يعيث فساداً دون أن يقف في وجهه رقيب.

زر الذهاب إلى الأعلى