نصوص

ظلام الليل وتحديات البقاء: قصة جسد ينتظر الكفن

ظلام الليل وتحديات البقاء: قصة جسد ينتظر الكفن

بقلم: مرام محمد الأشقر/ غزة 

جسدي يرتعش كأنه مصاب بالحمى، كعصفور وُلِدَ في قفص، فباتَ خائفاً.

قدماي ترتجف وقلبي أيضاً.

لا أحد سيفهم ما أشعرُ به، تمنعني الحرب من الكتابة، مدركة بأنني الطرف الأكثر للخسارة.

تملؤني الكلمات وأملؤها وجعاً، اضطراب وكثيراً من الخوف، لكنني أشعرُ بها كأُم تستشعرُ خوف طفلها النائم في أحضانها.

ما زلتُ أشعر أنني أكتب لصديقتي بطريقةٍ مختلفة، بالأفكار المكدسة في رأسي، بالموسيقى التي أستمعُ إليها بصمتي، بكل حواسي…

لم يعُد هناك موسيقى، أبقت لي الحرب فُتات نشازٍ يزيدني خوفاً من أن أسكن مع نفسي وحيدة.

“الحربُ جارتنا، الحربُ مقبرة للحُب.”

لماذا يا الله تختبرنا فيمن نُحب؟

لماذا يسرق الموت الأطفال من حضن أمهاتهم، كيف تحتمل قلوبهم وداع أصدقائهم، فهذا الوداع لا يليقُ بقلوبهم الصغيرة.

منذُ رؤيتهم وأنا أشعرُ أنني مِتُّ ميتةً عفنة، كدّتُ أقسم أنهم لم يموتوا، كيف يبتسمُ الطفل الشهيد في حضن أمهِ التي ما زالت حيَّة؟

رُبما ظنت أنه مات، رُبما يمازحها، يختبرُ حبها، هل ستقدر على ترك التراب يحتضن وجهه، جسده وقلبه، أن تجعل حكايته تنام بجانبه، وضحكاته، صراخه، بكاءه يؤنسوه في قبره.

ماذا عن الليلة الأولى بعيداً عن حضنها؟ كيف نعيش بعدما سُرق النوم منا وقُتلت أحلامنا؟ أسئلة كثيرة تتجاذبني كالأمواج الثائرة. الألم ينسكبُ من وجهي والخيبةُ تلبسهُ أيضًا. عُلقت أحلامي على مشنقة الموت وقُتِل الأمل داخلي. لا أعلم كيف يمكنني تحمل ظلام الليل. أشعرُ كأنني أُصِبتُ بالكسح، حتى أنني كتبتُ وصيتي!

لستُ أنا الخائفة هنا، لستُ مثالًا للمرأة الفلسطينية، للكاتبة الجريئة، أو الطفلة الذكية، أنا مجرد جسد ينتظر الكفن يختبئ تحت التراب…

زر الذهاب إلى الأعلى