نصوص

على طول ظهري: عامر الطيب

على طول ظهري
توجد وحمةٌ على هيئة خط ممتد
كظل شجرة سرو
وهو أيضاً خط ملتو أستطيع أن أكتب
عليه عبارة مثل :
” أيها الأطفال تعالوا نبني غرفة”
“أيتها المرأة دعي نومك الهادئ يفسد عينيك “
‘”أيها الطريق الآتي يا دمعي المدرار على قبر أبي “
ولئن كنتُ أجرب
العبارات واحدةً تلو الأخرى
فإن الكتابة تمكنني من الرسم أيضاً،
و ها أنا أرسم مدينتنا بالطلاء الوردي
لكنك تضعين يدكِ على الجزء الناتئ
من الوحمة فيضيع البيت !

لئن استطعتُ أن أحبك
فذلك بفضل غرفتي الحنونة
كمؤخرة الأم .
بين المصابيح و المزهريات
بين الكتب و أدوات الشر
أجد شيئاً من النبل.
بين الشباك الصدئ كروح بربرية
و العتبة حيث أتجرأ
على النظر بازدراء لوفودي
فأحسب نفسي سعيداً كوجه ملك.
بين قدومك وحيدة
و إصرارك على أن تَبقي جرحاً من الذهب ،
على المتطلع أن يتحلى بشيء من الألم!

القلب كالغرفة
الدافئة تحت سماء ماطرة و مظلمة
الأطفال
بأحذيتهم يتعثرون ،
الغرباء يضيعون
العنوان بفعل مصابيحهم ،
النافذة
مستغرقة بما يعجب الريح
أنا أبصر كلَ شيء
قبل أن يدق جرس الصباح،
أحبك وأنت تلامسني
بجنحي الفراشة ،
تحبني بمنقار طائر الرخ،
و بقدمي الماعز المتوحش تسحق روحي!

مثل طفل ظن إنه صار
قوياً، أي إنه سيخدم نفسه بنفسه فيما بعد
قلتُ لقد شفيتُ
و بإمكاني الآن
أن أنجز آلاف المهام كخادم عجوز
لكن جسد الإنسان ليس رخاماً،
قلبه ليس قيثاراً
فمه ليس قبلة متململة فحسب .
و ها هي الصدفة الشبيهة بألم الركبة ،
الإلهام المفاجئ بأننا ممنوعون من السير !

هو ذا الفجر
مرة أخرى يزيل الوسخ
عن حبنا ، يجعل خبزنا طيباً و بلادنا
سعيدة دون إذاعات رسمية.
هو ذا الفجر
يملأ أسماعنا بالوشوشات ،
بريد الآلهة المتصارعة يصل في الوقت نفسه
لكن لا شيء من ذلك يوقف أغنيتي النائية:
أن أتأمل مهابة
نهديك الناعمين
كفروة النمرِ لأنام !

بين أصابعك نواح مستمر،
ترقد النجوم و تضيء
وهو يلهب نعاسنا ببالغ العذاب و الرفق.
فاشبكي أصابعك
بالطريقة
التي تقطّع ضوءَ المصباح!

أيام ما كانت السماء
هي الحب
و الأرض هي السلام
حلمنا أن نطير كالنوارس الضخمة
دون أن تكون لنا إقامة في نهاية المطاف .
أيام ما كان
العشاق يرقصون كالنعاج
الملسوعة
وقفنا قبالة بعضنا حزينين
و استهلكنا وداعاتنا السريعة بالأيدي!

أغلب الأطفال
أحبوك لكن القليلين منهم
أوصلوا اللعبة حتى الهرم
وها هو أحدهم
يرتدي نظارته لتدوين ما ينبغي
التلاعب به
و يبقيها على جبينه
لأن ثمة ما لا ينسى!

عجباً ها هي الجنازة
تمر دون أن نتذكر ما للميت
من حب مقرف
و زوجة ضالة ،
من أولاد متشنجين كعظام الفك
و بلاد عديمة النشوة و اللطف .
عجباً ها هي الجنازة
تختفي دون أن نختبر أعيننا
بما للميت من علة بغيضة لكنها كافية :
لقد طبخت له زوجته
الطعام سيئاً ليموت!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى