مجتمع

عن الانفجار الكبير في سوريا و العراق: عامر الطيب

عن الانفجار الكبير في سوريا و العراق

عامر الطيب/ شاعر عراقي

في سوريا كما في العراق يعاني المواطنون من موت هو ليس موت ضمير كما يعبر البسطاء إنما هو موت مفهوم الدولة أي موت المفهوم الذي تم ترسيخه و التضحية من أجله من خلال تحول النظام السياسي إلى نظام برجوازية صغيرة محمية في شتى الظروف، إلى نظام عائلة واحدة كما حدث لحزب البعث في العراق أيضًا.

الكاتب منير شحود في كتابه المهم( الانفجار السوري الكبير) الذي يبدأه بعبارة لامعة ” لكل نظام طريقته في الموت ” يرى أن النظام السياسي الذي تنهشه العصبيات الدينية أو القومية يحمل معه بذرة مرضه و نهايته لكن ثمة مرضى يموتون بسرعة و موتى يحتضرون طويلاً بالطريقة التي تكلف الشعوب مزيداً من الخسائر. 

مرت الانتفاضة السورية بما مرت به انتفاضة تشرين الأخيرة في العراق إذ انتقلت من مرحلة المطالبة بإصلاحات و هي مرحلة تتسم بالهدوء السلمي إلى مرحلة رفع سقف مطالب الإصلاحات نحو تقويض النظام و قلعه من جذوره و لعله الحل الوحيد بالنظر لأنظمة تحول مسؤولها إلى وحوش فساد و قتل و تشريد.

ثم تأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة اختطاف الانتفاضة بطريقة ذكية – ذكاء اللصوص لا ذكاء الآدميين بالطبع- إذ كما يجري خطف الانتفاضة السورية من قبل ميليشيات مذهبية متطرفة مثل الجيش الحر و النصرة يحدث الأمر نفسه العراق مع التيار الصدري.

و هي مرحلة تدفع الأفراد إلى اللجوء لرؤى متطابقة ومحشورة بين النعل والحافر و هي التي يسميها الكاتب العراقي سلام عبود في كتابه – من يصنع الدكتاتور-  “ظاهرة أسوا الاحتمالات”. 

أي المقارنة بين شر و شر آخر، بين صدام و الاحتلال مثلاً

و هي ظاهرة نفسية تساهم بصناعة الدكتاتور وبقائه في السلطة

ولعلها من نتائج طريقته الخاطئة قصداً بإدارة شؤون البلد. 

التيارات الدينية لا يمكن التصالح معها بأية حال من الأحوال إذ لا توجد أساسات مشتركة لبناء وطن مع جبهات تؤمن بدار الكفر و دار الإسلام أساساً لكن الاختلاف معها لا يبرر غض الطرف عن المساهم الأكبر بصناعتها  النظام السياسي الفاشل نفسه.

ما الحل؟

هذا سؤال مبطن يوحي إنه ينطلق من روح سجينة، لا توجد أية حلول في حياة الشعوب توجد سبل فقط و التغييرات الحقيقية لن تتحقق إلا وفق مدى طويل و رفض فساد الأنظمة الحالية بكل وجوهه الاقتصادية و الثقافية هو خطوة صائبة بصرف النظر عن تأثيرها الآني. 

إن اليأس من إصلاح النظام أو تغييره يصبح حلاً ما دامه يدفعنا إلى عدم الانطواء تحت خيمته، فعدم تلويث أصابعنا بالحبر هو عدم تلويثها بالدم.

النتيجة واحدة:

منذ قرون حذر أرسطو من أن أسوأ الديمقراطيات هي ديمقراطية الغوغاء التي لا تلتزم بالقوانين حيث يصبح انتخاب الأغلبية للسلطة نفسها عن ترغيب أو ترهيب ظاهرة ديمقراطية أيضاً، الديمقراطية في أعظم مفاهيمها هي ليست قبول الآخر إنما  حمايته، توفير الظرف المناسب له ليعيش بكرامة وحرية و أمان

وبالسياق نفسه فإن النظام الديمقراطي الحقيقي ليس النظام الذي يسمح بإجراء الانتخابات إنما الذي يوفر مناخاً سياسياً وثقافياً.

المقال لا يُعبر بالضرورة عن رأي صحيفة اليمامة الجديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى