رياضة

عن فوز المنتخب السعودي ناصر عطا الله يكتب: لست كرويًا ولكن..

لست كرويًا ولكن..

بقلم: ناصر عطا الله/ كاتب فلسطيني 

كان مدرب كرة القدم في مدرستي، وأنا بالمرحلة الأبتدائية غليظ القلب، خشن المراس، وعنصري لدرجة الكراهية، كلما جاءت حصة الرياضة البدنية، لطشني بالدرة، وطردني من الفريق، لا أعرف السبب، ولم أنتبه إلى مزاجه الثابت على رفضي جملة وتفصيلاً.

كبرت وأنا لا أحب الأنخراط بأي فريق كروي، حتى كرة الشوارع، والحارات كانت علاقتي بها سطحية جدًا، ولم أتعمد مطاردة ماسك الكرة لنزعها منه، وجرها أو أترك لها إرادة جري خلفها، لم أفكر بأي علاقة بيني وبين الكرة، والسبب مزاج أستاذ الرياضة البدنية في مرحلة دراستي الأبتدائية، إلى أن حضرت صدفة تصفيات كأس العالم في سنة لا أذكرها ولا أربد أن أبحث في جوجل وأستحضر تاريخها حتى أكون صادقًا معكم، يومها كان نجم فريق المغرب ساطعًا ووصل إلى مرحلة متقدمة من التصفيات، وأذكر أنه كان يلعب مع فريق إنكلترا، تمسمرت أمام الشاشة الصغيرة، وسخن دمي لدرجة لم أتوقعها، وشعرت بلذة غريبة ودماغي تتابع أقدام اللاعبين، وتعززت فيّ صفة القومية، والعروبة، وبدأ مفهوم الكرة يتخذ مفاهيم أخرى لدي، ورغم أن فريق المغرب تعرض لخديعة أو سوء محكمين إلا أنني خرجت كائنًا كرويًا بنسبة جيدة.

مع الزمن والمونديالات، ودورات كأس العالم أصبحت متابعًا بالصدفة للنهائيات، الربع النهائي فقط، أحببت اللعبة الجميلة، بغض النظر من يلعبها، لم أنتمي إلى فريق بعينه، ولا إلى نادٍ باسمه، وبقيت محايدًا حتى أخذ مني صديقي الزملكاوي موقفًا، كما أخذه صديقي الأهلاوي، والشجعاوي،كما صديقي الزيتوني، وهكذا.. حتى تم استبعادي من البشر الكرويين، وإهمال دعوتي لأي مباراة.

ولا أدعي أنني حضرت مباراة السعودية والأرجنتين، حتى لم أكلف نفسي البحث عن الأهداف في وسائل التواصل الاجتماعي، وقرأت الكثير من المنشورات التي تشيد بالفريق السعودي الذي هزم الأرجنتيني، وقرأت عن مشاعر العامة والكرويين وانطباعاتهم عن مباراة تونس الشقيقة، ولا أعرف من هو الفريق الذي لعب مقابله، لأن أميتي الكروية لم تمح بشكل كبير بعد، وحبي لتونس، و سعادتي بفوز السعودية أعادا لي نشوة الصبى في ثمانينيات القرن الماضي، يوم أبكتني خسارة المغرب أمام إنكلترا، وأظن أنني أضربت عن وجبة العشاء، يومها مما سبب لوالدتي رحمها الله إنزعاجًا، كنت بغنى عن أكون أنا سببه، ولكنها تفانين المزاج.

السعودية تفوز على الأرجنتين ومسي، حدث غير عادي بالنسبة لكائنٍ غير كروي مثلي، فكيف سيكون للكائنات الكروية المعتدلين منهم والمتعصبين؟!.

ليتنا بالكرة نقنع العالم بعدالة قضيتنا، ويقفون عند مشاهد رفع علمنا الوطني وهو يرفرف على المدرجات، يحركه مشجعون عرب وإنسانيون أرادوا للضمير الإنساني أن يستيقظ، ليدخل مرمى العدالة ولو بهدف وحيد ويكسب مباراة حقيقية على ظلم الاحتلال.

لمشجعي الكرة في نابلس وجنين السلامة من كل غارة غادرة يقوم بها فريق سفك الدماء بتوطئة من حكام الجريمة.

زر الذهاب إلى الأعلى