ثقافة

لويزا غليك من فقدان الشهية إلى الشعر: عامر الطيب

لويزا غليك من فقدان الشهية إلى الشعر
(كل شيء يمكننا صنعه من الألم)

بقلم: عامر الطيب/ شاعر عراقي

أثار قرار الأكاديمية السويدية بإعلان فوز لويزا غليك بجائزة نوبل للأدب شعورين متناقضين الأول شعور الأسف المعلن بحدة بسبب تجاهل الجائزة مرة أخرى للعرب أو لأدونيس بعبارة أدق على الرغم من أن الشاعر الذي يقدم كمستحق أول لها صرح بلقاء متلفزٍ إنه لا يفكر بها ولا يرغب بها أيضاً.
أما الأمر الآخر فهو شعور بالرضا عن عودة الشعر بعد غياب تسع سنوات فقد كان آخر شاعر حصل على الجائزة هو السويدي توماس ترانسترومر.
لويزا غليك ذات الشَعر اللامع هي التي تربح الجولة إذن قادمة من حياة شبه مغمورة أو شبه عادية فلم يكن اسمها مألوفاً لدى القراء العرب لكنها كانت معروفة من خلال مختارات صغيرة قام بترجمتها الشاعر سامر أبو هواش حملت عنوان “عجلة مشتعلة تمر فوقنا”
اختارت غليك منذ البداية رؤية مغايرة لما قرأته لأسلافها الشعراء وقد وجدتْ الكلمة البسيطة هي الأنسب للمغامرة وراحت تغوص في تفاصيل العمات و الجيران و الأقارب نائية عن اعتبار تلك المحطات مواضيع جانبية في النص الشعري وهو الأمر الذي رصدته نوبل “قاربت بشعرها الطفولة والحياة الأسرية، والعلاقة الوثيقة مع الوالدين والأشقاء” وإن ” كتاباتها تتميز بالتوق إلى الوضوح”.
تؤكد غليك “ما أتشارك به مع شعراء جيلي هو الطموح وما أخالفهم فيه هو تعريف الطموح “ومن هنا تنطلق غليك من البساطة لكنها خاصيتها الشعرية تنطوي على إظهار ماهو مضمر من خلال ما هو بادٍ، عملية تشبه تصوير الدوامات على سطح الماء.
في قصيدة لها تقول:
“ننظر للعالم مرة واحدة في الطفولة
وما يتبقى هو ذاكرة”.
ولعل تلك العبارة تعبر عن مزاج غليك الشعري بإعادة الشعر إلى فطرته الشغوفة الساطعة والبسيطة لكن تلك الإعادة لا تتم إلا بلغة ذكية وسلسة ومفاجئة وبسبب ذلك يرى نقاد كثر أن غليك لا تنتمي لأي نسق شعري فهي دائمة التنقل كرحالة محاولة بقدر الإمكانِ الإفلاتَ من أي مفهوم راسخ للكتابة أو أي بناء ولون شعري مكرس ففي نصوصها نقرأ الأساطير والآلهة جنب الأزواج و الأطفال والآباء الذين يموتون مبكراً في ظهيرة حارة.

فازت غليك قبل نوبل بالعديد من الجوائز الأدبية الرئيسية في الولايات المتحدة، مثل وسام العلوم الإنسانية الوطنية، وجائزة بوليتزر، وجائزة الكتاب الوطنية، وجائزة نقاد الكتاب الوطنية، وجائزة بولينجن، بالإضافة إلى جوائز أخرى. كما حازت على جائزة ولقب الشاعر الأمريكي في الفترة من 2003 إلى 2004 لتكلل مسيرتها بفوزها بأهم جائزة للأدب.
و غليك ذات الأصول المجرية المولودة في مدينة نيويورك في 22 أبريل 1949. وهي الابنة الكبرى من الأبناء الذين بقوا على قيد الحياة لرجل الأعمال دانيال غليك وربة البيت بياتريس غليك.
هاجر أجدادها إلى الولايات المتحدة، حيث امتلكوا في نهاية المطاف محل بقالة في نيويورك. كان والد غلوك أول فرد من عائلته يولد في الولايات المتحدة، كان لديه طموح ليصبح كاتبًا، لكنه اشترك في العمل مع صهره أما الوالدة فقد كانت خريجة من كلية ويليسلي.
بدأت بكتابة الشعر في سن مبكرة ورغم إصابتها بفقدان الشهية العصبي أثناء مراهقتها، إلا أنها ظلت تواصل شغفها في أن تصبح الشاعرة التي تحلم فأخذت درسًا في الشعر في كلية سارة لورانس، والتحقت بورشات شعرية في كلية التعليم العام بجامعة كولومبيا في الفترة من 1963 إلى 1965، والتي قدمت برامج للطلاب غير التقليديين، درست أثناء وجودها هناك مع ليوني آدمز وستانلي كونتز، وقد صنفت هذين المعلمين كمرشدين مهمين في رحلة تطورها.
قدمت خلال حياتها ما يقارب اثنتي عشر مجموعة شعرية مع قصائد عديدة غير منشورة بكتب وقد نالت مجموعتها ( أرارات) إعجاب النقاد و القراء بل اعتبرت (الكتاب الأكثر قسوة في للشعر الأمريكي) خلال ربع قرن و أرارات هو الجبل الذي رست عليه سفينة نزح الأسطورية.

نماذج شعرية/

من ديوان( انتصار أخيل ):-

أنا أكرهكم كما أكره الجنس،
فم الرجل يغلق فمي،
جسد الرجل المشلول
و الصراخُ الذي يفلت دائماً..

من ديوان( أرارات):-

حماية لنفسي من الوفاء:
السعادة تجذب غصب الأقدار ،
إنهن أخوات همجيات،
في النهاية ليست لديهن عاطفة، لكنه الحسد!

من ديوان( السوسنة البرية):-

في نهاية عذاباتي
كان هناك باب،
من قلب حياتي تجيء نافورة رائعة زرقاء وعميقة
الظلال على مياه البحر اللازوردية.

من ديوان( المراعي):-

لا أعلم إنني سأعود،
إننا سنكون معاً بطريقة ما قي النهاية،
تمنيت ما أتمناه دائماً:
قصيدة أخرى

من ديوان (الأعمار السبعة):-

في حلمي الأول ظهر العالم،
الملح ،المر، الحرم ،الحلو
في المرة الثانية هبطتُ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى