ثقافة

ماهر داود يكتب عن الهوية والانتماء في مسرحية “الرماديون”

ماهر داود يكتب عن الهوية والانتماء في مسرحية “الرماديون”

بقلم: ماهر داود/ ناقد

نحن في أزمة حقيقية أزمة مع الذات المهددة لهويتنا الفردية والجمعية، كثير من التساؤلات التي تفرضها علينا المسرحية، ما هو الوطن؟ لماذا نعمل؟ من نحن؟ ما الجدوى من فعل الخير؟ ما هي الدلالات العاطفية للانتماء؟ المفهوم من العرض أن هناك صراع وتكتل غير مفهوم منه غير سحق الضعفاء والمساكين و وضعهم في قوالب تليق بمزاج الكبار، يجب عليك أن لا تكون خارج القطيع، أن لا تستقل بذاتك، قوتك تعني شيء واحد أنك أصبحت شخص غير مرغوب به، صلابتك مهددة ومزعزعة للاستقرار.

المسرحية تسير في فضاء مكاني أطلقوا عليه اسم الفندق، بالفعل نحن أصبحنا نعيش في فندق سريع الوتيرة، علاقاته الاجتماعية مضطربة، إذا كنت تملك المال تنام وتأكل وتشرب فقط، إياك وأن يصيبك الغرور وتطالب بذاتك فـأنت مجرد رقم في غرفة مؤقتة، هناك تحولات سلبية طرأت على المجتمع الفلسطيني التي تنفي علاقات الحب والترابط، الزائر للفندق يقول: ” أنا ممكن أخدم بدون ما اتصنف” فيضحك الجميع، كيف تقدم خدمات مجانية، ستثار حولك الشكوك وسيأتيك مختصو شؤون الشَك، من يمولك؟ لمن تروج هذه الأفكار؟، فترفض وتقول أنا فطرتي سليمة وأريد تقديم خدمات مجانية، فيزجرك أعضاء الفندق ويعطونك رقمك المخصص من ضمن التصنيفات التي صممتها الهيئة العليا للتصنيفات البشرية، فيصرخ الزائر: ” أنا مش رقم!! الكل يجمع أنه عليك أن تنسى من أنت، ماذا تريد من الماضي، أنت ابن الحاضر، هذه ثقافة الاستغلال المروجة حالياً بأبهى الألوان، يقول أحد أعضاء الفندق: ” هان ما في ضمان احنا بنتعب وبس” أنت مستخدم لإشباع رغبات الغير، جمل استوقفتني: احنا مش سلعة ومش للبيع، شو يعني انبساط، وأحدهم صرخ قائلاً: ” بدنا نعمل الي بنحبه” تعمل ما تحبه وأنت عبد مقيد بكثير من الرواسب الفكرية والسياسية، وأنت مرهون لمعايير وضعها الكبار.

استدعاء شخصية القرد، الذي كان ينعم بحرية مطلقة في الغابة بدون قيود ولا راتب ولا انتخابات ولا حدود ولا سياسات ولا تكتلات ولا جرائد وأخبار، ونقله لقفص السيرك، إذا قفز أطعموه، و إذا ضحك ألبسوه الإنسان أصبح رمادي محايد غير مفهوم لا يلتفت لمنظومة الأخلاق، فقط يريد أن ينهش ويستوغل على حقوق الغير، مسرحية رماديون تنتهي بأغنية أناديكم وأشد على أياديكم للكاتب توفيق زيّاد، فما أحوجنا أن نساند بعضنا البعض والوقوف جنباً إلى جنب.

زر الذهاب إلى الأعلى